وسام عبد الله
فتحت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كل الإحتمالات حول المسار الذي سيتخذه الشعب الفلسطيني في مواجهة الإحتلال، إن كانوا ضمن الضفة الغربية أو في الأراضي المحتلة “عرب 48″، حيث تختلف الأساليب بين المناطق الفلسطينية بحسب الأوضاع الأمنية والسياسية الخاضعة لها.
وتشهد مدن وقرى عرب 48، حركات احتجاجية ومظاهرات ضد الإبادة التي ترتكب بحق المدنيين في غزة، في مناطق مثل حيفا وكفرقاسم ويافا وأم الفحم، حيث تعرض المتظاهرون لحملة اعتقالات ومضايقات من قبل قوات الإحتلال.
فقمعت الشرطة الإسرائيلية تظاهرة نظمت في ساحة الأسير بمدينة حيفا، للمطالبة بوقف المجازر الإسرائيلية في القطاع، وادعى الإحتلال أن المظاهرة “غير قانونية” واعتقلت عددا من المتظاهرين. وفي أم الفحم، نُفذت وقفة احتجاجية على مدخل المدينة، رفع خلالها المشاركون لافتات تطالب بوقف الحرب والتنديد بجرائم الإحتلال، فكتب على بعضها “أوقفوا المذابح الإسرائيلية ضد أهلنا في رفح” و”أوقفوا القتل والدمار والإبادة الجماعية”. كما شهدت المدينة، وقفة مماثلة دعماً لطلاب الجامعات الأوروبية والأميركية للاستمرار في الإعتصامات والمظاهرات في مختلف دول العالم، للضغط على قادة دولهم من أجل وقف الحرب على غزة.
وكعادة الإحتلال، شنّ حملة اعتقالات بحق المتظاهرين، حيث جرت توقيفات ومحاكمات صوريّة، أُفرج عن بعضهم نتيجة الضغط الشعبي، وبقي قسم آخر في الإعتقال. فحول الاحتلال التضامن مع غزة إلى “تهمة”، فحكم على الشاب جهاد أيمن حاج يحيى، بالسجن لمدة 13 شهراً، بعد إدانته بالتحريض “على الإرهاب والدعم والتماهي مع حركة حماس”. كما شهدت مدينة طمرة في الجليل، حملة اعتقالات على خلفية المشاركة في مسيرة ضد الحرب الإسرائيلية.
الحراك داخل الأراضي المحتلة ازداد خلال السنوات الماضية، رغم التضييق الإعلامي والأمني عليهم، وهو ما شكت منه فعاليات وشخصيات سياسية وثقافية من عرب 48، بكون الإعلام العربي تحديداً لا يتطرق في نشراته الإخبارية للإضاءة على التحركات التي تقام في مدن الداخل، وهو ما دفع البعض للإعتقاد أنهم تخلوا عن حقهم وأرضهم وخضعوا للسلطة الإسرائيلية. كما تستغرب تلك الجهات السبب في الحركة “الخجولة” اتجاههم من قبل المهرجانات والمؤتمرات الفنية والثقافية، فيما تُسهل لهم السبل باتجاه اوروبا وأميركا لإقامة حفلات موسيقية ومعارض فنية دعماً للقضية الفلسطينية.
منذ أكثر من سبعة عقود، يمارس الإحتلال كافة أصناف “الإبادة” ضد الشعب الفلسطيني، بوجهها الهمجي المتمثل بالسلاح والرصاص كما هو الحال في غزة، أو بالإبادة الثقافية والاجتماعية لسكان الداخل، بهدف طمسّ هويتهم الفلسطينية، ومعاملتهم بعنصرية كمواطنين درجة ثانية، والسيطرة على المناهج التعليمية والحركة الاقتصادية والتنقل بين المناطق، وتعزيز حالة الحقد والإحتقان من قبل المستوطنين اتجاه الفلسطينيين، بالمضايقات والتعديّات الجسدية والمعنوية عليهم.