وسام عبد الله
بعد نجاحها في عملية “طوفان الاقصى”، تمكنت المقاومة الفلسطينية منذ تشرين الأول الماضي من إدارة مسار المفاوضات بالتوازي مع استمرار التصدي للحرب التي شنها الإحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة.
أحد الأهداف التي وضعها رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو هو القضاء على حركة حماس وإنهاء وجودها المسلح في غزة. بعد سبعة أشهر من المواجهات، تمكنت المقاومة من الحفاظ على وجودها داخل القطاع، وكبّدت الإحتلال خسائر مادية وبشرية أجبرته على الإنسحاب من محاور عدة. كما أن المفاوضات غير المباشرة وعبر وسطاء، أكدت أن المقاومة ما تزال تمسك الميدان والقرار، خاصة مع احتفاظها بورقة الأسرى الأسرائيليين لديها.
خلال مرحلة المفاوضات الأولى، حددت المقاومة أطراف المفاوضات، وهم مصر وقطر والولايات المتحدة الاميركية، ليكون نتيجتها في تشرين الثاني، إعلان التوصل إلى هدنة إنسانية استمرت قرابة الأسبوع، نُفذ خلالها تبادل لعدد محدد من الأسرى بين الطرفين، والسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى القطاع.
مع عودة جيش الإحتلال لحربه ضد المدنيين في غزة، استمر الوسطاء في حركتهم بين حماس وحكومة الاحتلال، ووضعت المقاومة معايير أساسية لا تتنازل عنها، تبدأ بوقف كامل لإطلاق النار، وانسحاب الجيش من القطاع، وتأمين دخول المساعدات الانسانية والإغاثية وتحقيق صفقة تبادل الاسرى، تليها وضع خطوات لإعادة الإعمار.
رفع الإحتلال من وتيرة الابادة الجماعية، بتدميره البنية التحتية والأحياء السكنية والمؤسسات المدنية، وقتل وجرح وتشريد شعب كامل من أرضه، بهدف فرض ضغوط سياسية وعسكرية على المقاومة، لكن حركة حماس والفصائل الفلسطينية، استطاعت احتواء توسع العملية، يساندها الجبهات المفتوحة من اليمن ولبنان، يضاف إليها دخول إيران باستهدافها كيان الاحتلال.
طول مدة الحرب شكل ضغطاً على الدول العربية والأجنبية، فإن كانت تستطيع تغطية جرائم الاحتلال في الأسابيع الأولى، إلا أنها لم تعد تحتمل الإكمال في مسارها، ليس عطفاً على الفلسطينيين، إنما خوفاً من الضغوط الداخلية في بلادهم.
بعد صمود المقاومة والتحذيرات الدولية من معركة رفح، تم التوصل بين اميركا وقطر ومصر، في شهر شباط، لورقة “إطار عام لاتفاق شامل بين الأطراف”، تم على أساسها بناء المفاوضات الأخيرة بين الطرفين.
ومنذ ذلك الحين، عملت المقاومة على تذليل العقبات والتنبه من الوقوع في فخ الدلالات والمصطلحات، بهدف الوصول إلى اتفاق يحقق للشعب الفلسطيني ما يستحقه بعد كل التضحيات.
قبول حركة حماس للورقة الأخيرة للمفاوضات، وضعت نتنياهو في موقف محرج، وما قام به مجلس الحرب من اتخاذ قرار باستمرار عملية رفح ونشر صورا لجيش الاحتلال داخل معبر رفح، جزء منه تصعيد بوجه المقاومة وجزء آخر لحفظ ماء الوجه، بعد مفاجأة حماس لهم بردها الايجابي على ورقة التفاوض.
تتعمق الازمة لدى حكومة الاحتلال، فالجيش الاسرائيلي بحالة استنزاف في شمال فلسطين المحتلة بالجبهة المفتوحة مع حزب الله، وفي قطاع غزة لم يعد متواجداً داخل المدن. ضمن العملية السياسية، هناك تباعد في إدارة الحرب بين نتنياهو وأعضاء من حكومته مما يهدد بحلها، وأزمة مع الادارة الاميركية تتعلق بكيفية تحقيق المكاسب وإنهاء المعارك.