وسام عبد الله
تطور عمل أجهزة المخابرات على مدى قرن كامل، منذ الحرب العالمية الاولى ومرورا بالحرب الباردة، وصولا إلى المرحلة الحالية، فكان التركيز سابقا على دعم الانقلابات العسكرية، أما في السنوات العشر الاخيرة، تحول إلى تحقيق انقلابات مجتمعية من الداخل.
موّلت “السي.آي.أيه.” العديد من المجموعات والاحزاب، لايصالهم لسدة الحكم، كموالين ومنفذين لسياستها، ولم تترك وسيلة إلا واستخدمتها في الضغط على المعارضين.
فعام 1952 عملت الوكالة الاميركية على مشروع “الخرشوف”، على مدى أربع سنوات، لتجربة الحبوب المنومة والهيرويين والتقنيات الخاصة في عمليات الاستجواب. فأحد النماذج كان تجربة عقار على موظف مدني، من شدة تأثيره، رمى نفسه من النافذة. كل هذه التجارب هدفها هزيمة السوفيات.
وفي عام 1983 حصل حراك سياسي في جزيرة غرينادا بالكاريبي، وصف بالماركسي، نفذت حينها عملية عسكرية وجند عملاء من تجار المخدرات والمهربين.
الدعم العسكري الابرز كان في افغانستان، في الثمانينيات، لاغراق الاتحاد السوفيتي باستنزاف مع حركة طالبان، التي دعمت من واشنطن. فكان سقوط موسكو، لكن بالمقابل كان صعود التنظيمات الارهابية.
مع تطور الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ودخولنا عصر التكنولوجيا، وميل السياسة الغربية إلى التقليل من خسائرها البشرية، وتحديدا بعد غزو العراق، كان الاتجاه نحو تحقيق الانقلاب من داخل المجتمعات وبتكلفة أقل من حيث العسكر.
فكان الحصار الاقتصادي، والعقوبات أحادية الجانب، وسيلة جديدة، لدفع المجتمعات للانقلاب على دولها، بتضييق الخناق عليها. ونتيجة الهيمنة الاميركية، أصبحت تفرض عقوبات على كل شركة بأي دولة، تقرر التعامل مع الدولة “المعاقبة”، وهو ما حصل خلال السنوات الماضية مع سوريا، فيما يتعلق بقانون قيصر.
ومن الطرق الاضافية، بالتوزاي مع الضغط الاقتصادي، هو تقليب الرأي العام على رؤيته وسياسته الوطنية، كما يحصل في الايام الحالية مع المقاومة، عبر ضرب بيئتها الاجتماعية، بهدف إحداث فجوة بينهما. مع إضافة أخرى، وهي استخدام سياسة التعذيب، بدل تنفيذها في السجن، تصبح في الحياة اليومية، كما حدث بانفجار أجهزة “البيجر”، بأيدي اللبنانيين.