وسام عبد الله
في لحظة انتظار المنطقة لإمكانية توسع رقعة الحرب وانتقالها إلى مواجهة إقليمية، يعيش سكان غزة معاناة إنسانية مستمرة منذ تشرين الأول 2023، مع تصاعد حرب الإبادة الإسرائيلية والحصار المفروض على كل تفاصيل حياتهم.
منع الاحتلال الإسرائيلي دخول البضائع والمساعدات إلى غزة، مما تسبب بنقص في المواد والحاجيات الأساسية، التي قد لا يفكر بها الانسان الذي يعيش حياته الروتينية، أنه بفقدانه لها سيتبدل سلوكه اليومي، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
خسر سكان غزة المواد اللازمة للمحافظة على النظافة الشخصية، نتيجة منع “إسرائيل” إدخال مواد التنظيف إلى جنوبي القطاع، فحرمت العائلات من أدوات الاستحمام والغسيل والتنظيف، في بيئة غير صحيّة، مع الدمار وانتشار الأمراض وارتفاع درجات الحرارة.
ما يتوفر في الأسواق يكون عبارة عن مواد غير فعالة وبأسعار مرتفعة، كون البدائل غير متوافرة لعدم وجود المواد الخام للتصنيع. ونتيجة انعدام مواد التنظيف المتنوعة، لجأ الاهالي إلى استعمال المادة الواحدة لتنظيف الصحون وغسيل الثياب، واضطرت بعض العائلات إلى استخدامها للاستحمام.
يتم تأمين بعض المنظفات عبر المساعدات الإنسانية التي قد تصل إلى القطاع، ومنهم من يحول هذه المنتجات إلى عمل له، من خلال إعادة بيعها لشراء الطعام والدواء.
مع انعدام النظافة وشح الأدوية والمياه النظيفة، بدأت تظهر علامات الأمراض الجلدية على البشرة واليدين، بتسجيل حالات تحسس وظهور البثور على الأجساد والتقرحات. وحذرت منظمات دولية بإمكانية انتشار الأمراض على مستوى واسع بين السكان الذين يبلغ عددهم حوالي مليوني نسمة. وأفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن رصد ظهور فيروس شلل الأطفال مجددا في القطاع، ومحذرا من أن الأطفال في القطاع قد يصابون بالمرض قريبا إذا لم تتخذ تدابير وقائية بسرعة.
وبحسب تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يعاني 96% من مواطني قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني نحو 700 ألف شخص بشمال قطاع غزة من نقص حاد في المواد الغذائية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، جراء استمرار إغلاق إسرائيل للمعابر الحدودية وعدم دخول المساعدات الإنسانية.
مع الأسابيع الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ونزوح الأهالي من منازلهم، كان لافتا المشهد الإنساني للعائلات الغزاويّة، وهي تحمل معها حيوانتها الأليفة، رغم المخاطر المحيطة بهم.
وبعد مرور حوالي عشرة أشهر، تحولت تلك الحيوانات الأليفة لجزء من قصص النزوح، تشاركهم العجز والحرمان، فاضطر بعضهم إلى إعطاء قطتهم لأسرة أخرى يمكنها تأمين الطعام لها، ومنهم من احتفظ بعصافيره معه محاولا تأمين الطعام له ولهم، وآخرون اختاروا إطلاقهم في الطبيعة لعلهم يحظون بفرصة للعيش بعيدا عن القصف الإسرائيلي لمخيمات النازحين.
ولأن الحرب الإسرائيلية استهدفت الحجر كما كل كائن حيّ، أشار وزير السياحة والآثار الفلسطيني هاني الحايك، بأن الحرب “دمرت أكثر من 100 موقع تراثي وأثري وثقافي بشكل كلي أو جزئي”. كما أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، موقع دير القديس هيلاريون-تل أم عامر في قطاع غزة على قائمتها للتراث العالمي وقائمة التراث العالمي المعرض للخطر.