وسام عبد الله
منذ إعلان حزب الله فتح جبهة إسناد غزة في الثامن من تشرين الأول، بعد يوم من عملية “طوفان الأقصى”، طرحت تساؤلات حول جدوى الدخول في المعركة، ومع توسع العدوان على لبنان، كان أحد الأسئلة الهامة، ألم يكن باستطاعة المقاومة تجنب الحرب؟.
سيناريوهات عدم مشاركة حزب الله في إسناد غزة، توضح مدى إمكانية “تحييد” المقاومة لنفسها من التحول الكبير في الشرق الاوسط.
لو اتخذ حزب الله قرار عدم المشاركة، فكل الطروحات السابقة التي قدمها، بأن هدفه تحرير فلسطين واقتحام الجليل، ستكون بالنسبة لجمهوره والخصوم، مجرد شعارات، فالحدث في 7 تشرين الاول، لا يشبه المعارك والحروب السابقة على غزة، فهنا نتحدث عن تبدل في مسار القضية والمنطقة. وبحال الانكفاء، سيُتهم الحزب بالخيانة، وبأن سلاحه للداخل اللبناني.
أراد حزب الله الموازنة، بين جبهة الإسناد وعدم منح الإسرائيلي فرصة لشنّ حرب واسعة، لكن من قرر توسيع الهجوم، هو بنيامين نتنياهو، وتحديدا في حدثين، الاول زعمه استهداف حزب الله لمدنيين في الجولان المحتل والتي نفذ بعدها اغتيال القيادي فؤاد شكر، والحدث الثاني، التصفيق في الكونغرس الأميركي في أثناء كلمته، كموافقة علنية وضوء أخضر للعدوان.
يمثل حزب الله، الطائفة الشيعية، وحركة حماس الطائفة السنية، وبحال الابتعاد عن الدخول في الحرب، سيتم تسويقه بأن إيران وحلفائها، لا يهمهم القضية الفلسطينية وأنهم “تخلو عن السنة” في أهم المواجهات، حينها ستستثمر الحالة في صراع طائفي على كامل المنطقة. فمن يلوم الحزب عن المشاركة، كان سيلومه عن عدم المشاركة مع اتهامه “بالحقد المذهبي والطائفي”.
عام 2006، قالت حينها وزير الخارجية الاميركية كندوليزا رايس، إننا أمام مخاض شرق أوسط جديد، في نظرة أميركية – إسرائيلية، لإعادة ترتيب دول المنطقة بحسب سياستها، وفشل المشروع. اليوم، شعار نتنياهو هو “الشرق الأوسط”، لا يريد غزة ولا جنوب لبنان، حلمه التوسعي ليس مرتبطا بعمليات المقاومة، إنما جزء من المنهج والتفكير والخطة لاخضاع شعوب المنطقة لهم. هذا المشروع لم يبدأ مع عمليات حزب الله.
لا وجود ليسار ويمين في “إسرائيل”، كلهم بهدف واحد والاختلاف بطريقة التنفيذ. والمرحلة الحالية، يحكم الكيان أكثر الحكومات والافراد تطرفا، ونتنياهو يمثل أفضل نموذج لليمين المتشدد. عام 1993 أصدر نتنياهو كتابه “مكان تحت الشمس”، يستعرض فيه رؤيته السياسية، والتي نرى نتائجها الآن. ومن أحد فصول الكتاب، التي تنفي وجود الشعب الفلسطيني، ويصنف العرب بأنهم “متلونون” لا ثقة بهم، أنه يضع الأمن مطلبه الأول، قبل الاقتصاد والسياسية. وقد انتقد مبدأ التفاوض “الأرض مقابل السلام “، حيث يعتبره أنه تنازل “إسرائيل” عن المساحات التي أخضعتها لسلطتها بالقوة، مقابل حصولها على السلام، فيما ما يريده، هو “السلام مقابل السلام”، أي لا حقوق للفلسطينيين والعرب، إنما خضوع له. وهو ما يفسر رفضه “حل الدولتين”، والتوسع بالاستيطان، وفرضه التطبيع بحسب شروطه، ورغبته بزيادة الأراضي المحتلة. وهذا كله قبل جبهة الإسناد. فمشروط التوطين وقضم السيادة اللبنانية والثأر من هزيمتهم في عامي 2000 و 2006، متوفرة في العقلية الإسرائيلية، حتى لو قال الشهيد السيد حسن نصر الله، نحن على الحياد، فكان سيأتي اليوم الذي نخوض فيه هذه الحرب.