وسام عبد الله
لا شيء جميل في الحرب، وما البحث عن لمحة أمل إلا فعل مقاومة لمنع أن تحولنا، المعارك والتهجير، نحو انفجار داخلي أخطر من المواجهة المباشرة مع الاحتلال.
صورة نمطية وأحكام مسبقة وصفت بها الضاحية الجنوبية لبيروت، إن كان بأنها “ملاذ آمن” للمجرمين، وبأنها منطقة مفصولة عن محيطها كونها “معقل حزب الله”.
هذا التنميط كان يراد منه تشويه هوية سكانها وخلق حدود وهمية مع باقي الأحياء السكنية في العاصمة. منذ العدوان على الضاحية ونزوح معظم سكانها وتدمير المؤسسات فيها، بدأت تظهر ملامح الفراغ الذي كانت المنطقة تملؤه في الحياة اليومية. فالضاحية تعتبر “أم الفقير” في بيروت، بسبب انخفاض تكلفة المواد والمعيشة نسبة إلى باقي المناطق في العاصمة، وهو ما كان يساعد في شراء المنتجات، الغذائية والصناعية، بأسعار منخفضة.
ونتيجة هذا النمط من السلوك الاقتصادي، أصحبت الضاحية مكان مناسبا للطبقة الوسطى والفقيرة، لتكون المتنفس لهم والمكان الافضل للسكن. والأمر ليس مقتصرا على سكانها المقيمين، فالعديد من التجار، كانوا يشترون بضائعهم منها ليتم بيعها في محالهم خارجها. وجولة على الاسواق نجد أن بعض المواد ارتفاع سعرها بسبب خروج الضاحية عن تلبيتها.
نزوح أكثر من مليون شخص من الجنوب والبقاع والضاحية، هدفه تفريغ المناطق من السكان ودفعهم باتجاه الوسط والشمال، لأطول فترة زمنية ممكنة، بتدمير منازلهم ومؤسساتهم والبنية التحتية، لتصبح غير صالحة للسكن. ومع الرسالة التي توجه بها بنيامين نتنياهو، لتحريض اللبنانيين على بعضهم، تكون النتيجة التي يسعى الاحتلال للوصول لها أصبحت واضحة. الضغط على المجتمع، المحلي والوافد، لخلق توترات تضرب الدولة والمقاومة من الداخل، وهو مشروع قديم يتجدد دائما.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تبين إلى الآن، وجود حاضنة شعبية للنازحين، ومنها قرى وبلدات بتوجه سياسي معارض لحزب الله. وهو يشير أن التلاقي ليس على أساس سياسي إنما إنساني. وكما الضاحية، ينسحب على الصورة النمطية التي تعسى الاحزاب الطائفية لترسيخها بين اللبنانيين.
تهجير السكان من الجنوب، الرغبة الإسرائيلية الدائمة، لإعادة احتلاله، وتصريح وزير مالية الاحتلال”نريد دولة يهودية تشمل الأردن ولبنان وأرضٍ من مصر وسوريا والعراق والسعودية، وبالنسبة لكبار حكمائنا قدر القدس أن تمتد حتى دمشق”. وما سبقه قبل أسابيع بقول الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، “هل هناك طريقة للحصول على المزيد من الأراضي لإسرائيل، لأنها صغيرة على الخرايطة بالمقارنة مع الدول الأخرى في الشرق الأوسط؟”. وما رفعه نتنياهو من خريطة على منبر الأمم المتحدة بحدود رسمها حسب طموحاته التوسعية. على حدود لبنان الجنوبية، كيان يعلنها بشكل واضح، نحن نريد تدميركم وتهجيركم وخلق حرب أهلية لنضم جزءا من أراضيكم.
بين الضاحية الجنوبية ونمط حياتها، وتهجير السكان للحرب الأهلية، وصولا لإعادة احتلال الأرض، أمور مترابطة مع بعضها، تبدأ من حماية الداخل بالوحدة الوطنية ودعم المقاومة على الحدود.