وسام عبد الله
منذ عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومسار التطبيع بين دول عربية وكيان الإحتلال اتخذ مساراً كان من المفترض أن يستكمل مع ولاية الرئيس جو بادين وتحديداً مع المملكة العربية السعودية، لكن الحرب على غزة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة أوقف العملية مؤقتا، وكان قد كشف السفير السعودي في بريطانيا خالد بن بندر، أن الاتفاق “كان وشيكا” بين بلاده والاحتلال الاسرائيلي، عندما علقت السعودية المحادثات بوساطة أمريكية.
ويعتبر الكيان الاسرائيلي التطبيع مع السعودية من أهم الاتفاقيات، بسبب المكانة العربية والإسلامية التي تتمتع بها الرياض، والتي يظن الإحتلال أنه عبرها يعطى “شرعية” أكبر بين الشعوب العربية وقد يشجع بعض الدول العربية والإسلامية لفتح باب التطبيع معه.
وقبل عملية طوفان الاقصى، سعت إسرائيل للتطبيع مع الرياض، لتثبت أنه لم يعد هناك حاجة لإبرام اتفاق مع الفلسطينيين ويمكن تجاوزهم للوصول إلى اتفاق مع مختلف الدول العربية، دون الوصول إلى إعطاء الشعب الفلسطيني حقه بالسيادة على أراضيه. وقال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ” أؤمن أيضا بأنه يجب علينا ألا نعطي الفلسطينيين حق النقض على اتفاقيات سلام جديدة مع دول عربية “.
وربطت السعودية استمرار المفاوضات للتطبيع مع اسرائيل، منذ تشرين الاول 2023، بالسير بمبدأ حل الدولتين، كمخرج لانهاء الحرب على الشعب الفلسطيني، فيما سابقاً كان التصريحات السعودية لا تذكره بشكل واضح، كما قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بضرورة أن يحمل أي اتفاق “تخفيفاً لمعاناة الفلسطينيين”.
في الحسابات الاميركية، التطبيع بين السعودية واسرائيل، يضاف إلى رصيد إدارة الرئيس بايدن، كون أثر الخطوة على الصعيد الاقليمي والدولي أكبر من الاتفاقيات التي وقعت مع الامارات والبحرين والسودان والمغرب. وهو يثبّت مجدداً التحالف بين واشنطن والرياض ويقطع الطريق على دورٍ للصين في المنطقة بعد دخولها على خط المصالحة بين السعودية وايران، ويساهم في المساعدة الأمريكية بحصول السعودية على الطاقة النووية المدنية، ويعطي أميركا دفعا لإسرائيل لاندماجها بشكل أوسع في العالم العربي.
لكن المقاومة الفلسطينية غيرت المعادلة وأعادت خلط الاوراق والحسابات بين الطرفين. فالسعودية اضطرت أن تعلن بضرورة الوصول إلى حل الدولتين، فيما بالسابق كان الموقف لا يذكر بشكل كبير في الاعلام، فهي لن تتمكن من تجاوز ما يتعرض له سكان القطاع من عملية إبادة جماعية وتهجير. وعلى الجانب الاسرائيلي، تشدد اليمين الحاكم في مطالبه برفض كل اقتراح وحديث عن إعطاء “دولة” للفلسطينيين، وزاد الضغط مع رغبة الاحتلال بتنفيذ هجوم على مدينة رفح، وهو ما تسعى أميركا للمفاوضة عليه كون العملية قد تعرقل السير بمفاوضات التطبيع مع السعودية.
التطبيع بين السعودية واسرائيل، سيكون الاعتراف الدبلوماسي الرسمي بينهما، ولكنه ليس التواصل المباشر الاول فسبقه العديد من اللقاءات السرية والعلنية، ومنها مشاركة وفد اسرائيلي باجتماع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في الرياض.