وسام عبد الله
في التاريخ الحديث بين عامي 1989- 1991، تجربة تدل على مدى ترابط الأحداث الداخلية لكل بلد في المنطقة بالتغيرات الاقليمية، فتوقيع اتفاق الطائف في لبنان ونهاية الحرب الأهلية، كان انعكاسا لتداعيات، انهيار الاتحاد السوفيتي، اندلاع حرب الخليج الثانية بغزو صدام حسين الكويت ووقوف حافظ الأسد ضده وإطلاق واشنطن عملية “عاصفة الصحراء” بوجه بغداد، ثم عقد مؤتمر مدريد للسلام.
مع إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، تحركت إحدى الجبهات العسكرية في سوريا، وكأن هناك إعادة ترتيب للمنطقة قد تشهدها انطلاقا من بيروت إلى حلب وصولا إلى بغداد. بالتوازي مع التصريحات الإسرائيلية المتكررة أن الحرب الأساس هي مع إيران.
ويبدو أن دمشق أمام تحديات، متجددة، على الصعيد الأمني والعسكري على عدة محاور.
من الجبهة الأولى شمالا، والتي فتحت قبل أيام معركتها من قبل المجموعات المسلحة في إدلب، والتي تمثلها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، باتجاه حلب، وهو يعد خرقا لاتفاقات “أستانا” التي تشمل مناطق خفض التصعيد في أطراف المحافظتين. وفي تصريح تركي لافت قبل أيام، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن دمشق “لا ترغب بتحقيق السلام في سوريا”، ومتوقعا إجراء تقييم للحوار الذي اقترحه الرئيس رجب طيب أردوغان “بنهج استراتيجي من قبل الدولة السورية، وبنهج يعطي الأولوية لمصلحة الشعب السوري”. فيما اعتبرت طهران الهجوم المسلح، “انتهاكا خطيرا” لمسار عملية أستانا. وليس من سيناريو واضح لأهداف المعركة، فالمجموعات المسلحة تزعم أنها ضد “المجموعات الإيرانية” فقط، ولكنها لا تستبعد أن تضع مدينة حلب هدفا لعدوانها.
الجبهة الثانية شرقا، مع تواجد مجموعات متفرقة لتنظيم “داعش”، والتي تنشط في البادية السورية باتجاه الحدود العراقية، وحيث تحتل القوات الأميركية جزء منها بقاعدتها العسكرية في التنف ودعمها لمجموعات “قوات سوريا الديمقراطية”. يظهر التنظيم ويختفي، بعمليات تستهدف قوات الجيش السوري، مما يدل عن وجود خلايا حاضرة، لتنفيذ هجمات بشكل محدود أو موسع، تحت الغطاء الأميركي الذي يملك القدرة التقنية والمعلوماتية على رصدهم.
أما الجبهة الثالثة فهي الاحتلال الإسرائيلي جنوبا من جهة الجولان السوري المحتل، وهي الأخطر. فطوال الأشهر الماضية، وتحديدا مع تصاعد العدوان على لبنان، كانت الانظار متجهة نحو الجنوب السوري لإمكانية فتح الاحتلال حربا أخرى بهدف محاصرة حزب الله. فسجلت عدة عمليات خرق للسيادة السورية، عبر الحفر وبناء سياج شائك، منعا لأي عملية تسلل نحو الجولان. وقد أعلنت روسيا عن نشر نقاط عسكرية جنوبا، لضمان عدم اندلاع مواجهة عسكرية. لكن الخوف، أن ينفذ الإسرائيلي تهديده لدمشق، بحسب خطاب بنيامين نتنياهو يوم إعلان الاتفاق مع لبنان، ويفتح معركة مع الجيش السوري