وسام عبد الله
الستون يوما التي حددها وقف إطلاق النار في لبنان، لم تعد مقتصرة على الحدود الجنوبية، كأنها مدة زمنية تشمل المنطقة بأكملها، برمزية المرحلة الانتقالية وليس التوقيت فقط، في إعادة ترتيب وتوزيع النفوذ والحدود بين الدول المحلية والدولية.
على الرغم من التصريحات السياسية التركية التي تدعو إلى وحدة الأراضي السورية ونفي علاقتها بالهجوم المسلح على حلب، إلا أن لدى أنقرة أهداف عديدة تحاول تحقيقها بشكل مباشر أو عبر المجموعات المسلحة الداعمة لها. فالهجوم لم يكن صدفة أو قرار اتخذ بأيام قليلة، إنما طريقة التنفيذ والمعلومات واستخدام المسيّرات، يدل أن التحضير بدأ منذ أشهر طويلة، في استغلال لفترة الهدنة التي بدأت عام 2020 في الاتفاق الروسي التركي على مناطق خفض التصعيد. وهو ما يعيدنا إلى الخامس من تشرين الأول 2023، حين استهدفت طائرات مسيّرة حفلا لخريجي الكليّة الحربيّة في حمص، مما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى، وحُددت المجموعات المسلحة في إدلب كجهة منفذة للهجوم.
يشكل الأكراد أحد العناصر الأساسية في الحسابات الاقليمية وتحديدا التركية، في المعارك الدائرة بالشمال السوري، كون أنقرة معارضة لإنشاء كيان كردي على حدودها، فما أرادته من دعمها للمسلحين، هو التفرغ لقتال “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية، وطردهم من مناطق سيطرتهم عليها في أرياف حلب، مما يمهد لاحق لتنفيذ عمليات مماثلة في ريف الرقة، لفرض حزام أمني من قبل الاتراك لكن بأيدي الفصائل المسلحة.
الشريط الأمني، هو رغبة لدى الرئيس التركي، لتتشكل مساحة في الداخل السوري يعيد إليها النازحين السوريين، تحت ذريعة أنها مناطق تحت سيطرة المعارضة، إضافة لتكون ورقة ضغط على طاولة المفاوضات كونه “اللاعب الاقوى”، الذي يستطيع التأثير على المجموعات المسلحة.
وتبقى العقدة لدى المجموعات الكردية، أنها مرتبطة بالقرار الأميركي، الذي يموّلها ويدعمها، فهل يتم التضحية بهم مع وصول دونالد ترامب إلى استلام الحكم في وانشطن، لتكون هناك مقايضة تركية أميركية على وجودهم؟.
خلال الأيام المقبلة العين والاسئلة ستكون على الدور الروسي والإيراني في كل ما يحدث، في مساندتهم الجيش السوري على استعادة المناطق التي خسرها، وإلى مدى ستتمكن موسكو من التفاهم مع أنقرة ميدانيا، بالتنسيق مع دمشق، لضبط المنطقة الشمالية، فبعد التقدم المفاجئ والحشد غير المسبوق لخروج المسلحين من مناطق تواجدهم في إدلب، بدأ الجيش السوري والحلفاء باستعادة المبادرة العسكرية، فهل نكون أمام مرحلة محصورة بتحرير حلب أم نشهد حربا وصولا إلى إنهاء وجود كامل المجموعات المسلحة؟، خاصة مع حصول الدولة السورية على دعم عربي، ودعوات غربية لخفض التصعيد دون أن تعلن تأييدها، بالعلن، للمسلحين أو للرئيس الأسد.
هل يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة؟، هو استفسار ينسحب أيضا على الوضع في لبنان، فهل سيلتزم الاحتلال الإسرائيلي بالاتفاق، على الرغم من الخروقات اليومية في استهداف القرى والمواطنين. هل تنتهي مدة الهدنة إلى اتفاق ينهي الحرب أم أن نتنياهو يريد انتظار ترامب ليعيد توسيع عدوانه؟. هذا الحال مشابه للواقع السوري، فخلال 13 سنة من الحرب، كانت كل الاحتمالات واردة على الصعيد السياسي والعسكري. مع الإشارة، إلى العراق، الذي قد يكون تحت النار الإسرائيلية، وهو ما تستعد له الحكومة وتعمل على منع حدوثه.