وسام عبد الله
في أقل من إسبوع تحرك الميدان السوري شمالا بعد نحو أربعة أعوام، من الهدوء النسبي، في انعكاس لتغيرات السياسية في المنطقة، وإن كانت المعارك في الأيام السابقة في الجزء الغربي، من حلب وإدلب وريف حماة الشمالي، إلا أن المعطيات تدل أن القسم الشرقي، في دير الزور والرقة، سيفتح أيضا معاركه.
فمع احتلال “هيئة تحرير الشام” والمجموعات المنضوية تحتها، مدينة حلب والقسم الأكبر من الريف، أعلن القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، انسحاب قواته من مناطق سيطرتها داخل المدينة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، ومن بلدة تل رفعت وريف بلدة عفرين بريف حلب الشمالي.
وتزامن هذا الانسحاب مع إعلان مجموعة “الجيش الوطني” إطلاق عملية عسكرية باسم “فجر الحرية” نحو مدينتي منبج وعين العرب الواقعتين بريف حلب الشرقي، لتكون المواجهة المقبلة بين “قسد”، المدعومة أميركيا و”الجيش الوطني” المدعوم تركيا.
فماذا سيكون السيناريو السياسي بين واشنطن وأنقرة في الميدان؟، هل تقبل الادارة الاميركية، في لحظة التسلم والتسليم مع ترامب، أن تتخلى عن جزء من المناطق التي تخضع للسيطرة الكردية، للفصائل المدعومة من تركيا، أما أن الأمر سيترك للقتال المباشر
وقدرة كل طرف على تحقيق مكاسب على الأرض وعليها يتم البناء الموقف السياسي؟. والأمر لا يتعلق فقط بانسحاب قوة كردية من قرية، إنما بحال خسارة الاكراد لمنطقة عين العرب، سيؤثر على “حلمهم” في إنشاء “كيان كردي ذاتي”، وهو ما تريد تركيا تفتيته.
أما في شرق الفرات، فقد بدأت وحدات من الجيش السوري والحلفاء، التصدي لهجوم تشنه قوات “قسد” في الريف الشمالي لمحافظة دير الزور، باتجاه ما يعرف بالقرى السبع، وتقدر مساحتها بنحو 100 كم، التي تسيطر عليها الوحدات العسكرية السورية.
تحريك المجموعات الكردية في دير الزور يختلف عن ريف حلب، فالهدف الأميركي هو قطع أحد طرق الامداد لحزب الله من إيران فالعراق باتجاه لبنان عبر البادية السورية. إضافة إلى إمكان التركي من الاستفادة منها بترحيل آلاف النازحين السوريين من أراضيه باتجاه تلك المناطق شمالا.
في هذا التبدل الميداني، تنظيم “داعش” ليس بعيدا عن الميدان، فهو قد يظهر من خلال ضربات محددة لمواقع للجيش السوري أو الاكراد، والتهديد مجددا للحدود العراقية.
ينظر العراق لما يجري في سوريا بعين القلق والحرص على أمنه، هو المدرك للترابط الجغرافي والعسكري بين البلدين، فالذاكرة ما تزال حاضرة يوم تزامن سقوط الرقة السورية مع موصل العراقية في يد “داعش”. والخطر الإضافي هو دخول العامل الإسرائيلي، بالتهديدات التي يرتفع احتمالها باستهداف أراضيه.