وسام عبد الله
تختلف الاولويات لدى السوريين، بحسب مناطقهم وظروفهم المعيشية والاجتماعية، فمنهم من يبحث عن تأمين الكهرباء والراتب الشهري، وآخرون يطالبون بفرض الأمن، ومن يطالب بالتأسيس لمؤتمر وطني لصياغة الدستور وتعزيز الحكومة الانتقالية. قد لا يكون هناك ملف يمكن تأجليه لمرحلة لاحقة في المستقبل، فكل القضايا ملحة.
في التربية، حجر الاساس لحماية المجتمع، في المرحلة الانتقالية، نحن ننتقل من منظومة تعليمية كان يقودها حزب البعث عبر منظمة الطلائع وشبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سوريا، وما يتضمنه من منهج فكري وتدريسي ضمن إطار معين. فمن يقود هذه الانتقال؟. تملك سوريا، في الداخل والخارج، مدرسين وأكاديمين على مستوى عالي من المؤهلات التعليمية والتربوية التي يمكن الاستفادة منها، لإعادة تفعيل القطاع التعليمي، من تحسين رواتب المدرسين وإعطاء الاكفاء مساحتهم المستحقة، وصولا إلى تنقيح المناهج الدراسية، وبشكل خاص مواد التاريخ والقومية والديانة، فمن يضع فصولها وترتيبها، يؤثر على رؤية الطالب لبلده.
في الاعلام، في ليلة واحدة عادت كل القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء الدولية التي حرمت من العمل في سوريا خلال السنوات السابقة، والاتجاه نحو سياسة الانتفاح الاعلامي مرتبط حكما بحرية الاعلام، فكيف سيتم صياغة الجو الصحافي، فهل ستبقى هناك وزارة إعلام أم سيتم التخلي عنها لصالح هيئة إعلامية تعمل على حماية حقوق الصحفيين؟.
على المستوى الثقافي، القطاع الأبرز في حياة السوريين، وصورتهم الجميلة، من الدراما والمسرح والموسيقى، في التراث المادي واللامادي، وغيرها من المجالات الفنية، التي رغم كل الظروف القاسية، تمكن أصحابها من التسامي بها واستمرار تقديمها للشعوب العربية. ونتيجة المشهد الضبابي في الحكومة الحالية وموقفها من الفن نتيجة خلفيتها الدينية، فأين سيكون المشهد الثقافي في المستقبل، وهل سنشهد عودة للعاملين والمبدعين في مجال الفنون المختلفة، أم سيبقى هناك خوف من الحكم المقبل في دمشق بأن ينتقل من رقابة المخابرات إلى الرقابة الدينية؟.
غابت وزارتي الدفاع والخارجية عن الادارة الانتقالية، وكأنها تم تسليمها لشخص محدد بتواصله المباشر مع الجهات الاقليمية والدولية، والتي ستتطلب في المرحلة المقبلة، تساؤلات قانونية وتشريعية حول الاتفاقات مع الدول وبناء العلاقات، ومصير الجيش السوري في التسليح والتجنيد والقرار السياسي، فرئيس حكومة تصريف الاعمال محمد البشير قال أن إعادة هيكلة وزارة الدفاع عبر الفصائل الثورية، فمن هي المجموعات وكيف سيتم اختيارها، وهل يكون لهم رتب عسكرية ومناصب؟. والمجموعات المسلحة الاخرى، هل تسلم سلاحها طوعا أم ندخل في اشتباكات متفرقة؟.
أما الملف الاساسي، يبقى الدستور، الحاكم لكل المواطنين، والذي يتطلب مشاركة من مختلف التيارات السياسية والثقافية والاقتصادية والقانونية، وهو ما سيرسم مصير سوريا لعقود مقبلة.