وسام عبد الله
منذ تشرين الاول 2023، كان للمعارك العسكرية بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي وجه جديد، يختلف عن الحروب السابقة، التي كان الطاغي عليها المواجهة القتالية والاسلحة والميدان، بينما دخلت خلال العام الماضي، عنصر التكنولوجيا والامن السيبراني.
فالاحتلال يمتلك أهم شركات التكنولوجيا والتقنيات العالية، التي يصنعها أو يستوردها بدعم غربي مطلق، مما وفر له القدرة على المراقبة والاختراق، فأصبح “العميل” هي التقنيات المتوفرة بين الناس من هواتف وأجهزة حاسوب وغيرها.
كما كانت المقاومة تخوض حربا تكتشف بها العدو من جديد، وهو يحاول اكتشاف ما لديها، فقد استطاع حزب الله رصد وتحديد أهدافه والوصول إليها، عبر الطائرات المسيّرة والرصد، مما أثار تساؤلات عن التقنيات التي يمتلكها وتؤمن له المعلومات.
ويوم أمس نفذ الاحتلال جريمة حرب بحق اللبنانيين، بتفجير أجهزة “بيجر”، أدت لإصابة أكثر من 2700 شخص و9 شهداء.
والبيجر هو جهاز لاسلكي كان يستخدم قبل انتشار الهواتف المحمولة لإرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة أو تنبيهات، معتمدا إرسال إشارات عبر الشبكات اللاسلكية، وكان يستخدم في المستشفيات والشركات ولدى الافراد.
وبعد العملية، طرحت تساؤلات حول أسباب الانفجار، هل نتيجة هجوم سيبراني او اختراق مسبق للاجهزة. وقد قال مؤسس شركة “غولد أبولو” التايوانية، التي تحمل الاجهزة المنفجرة علامتها التجارية، أن شركته لم تصنع الاجهزة، وإنما صنعتها شركة في أوروبا لديها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية.
فيما أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن “الاجهزة التي انفجرت بأيدي عناصر حزب الله..أتت من تايون وفخختها إسرائيل قبل أن تصل إلى لبنان”.
وأضافت أن “إسرائيل عبثت بهذه الأجهزة قبل وصولها إلى لبنان من خلال زرع كمية صغيرة من المتفجرات بداخل كل منها”.
وهذا الاسلوب اتبعه الاحتلال لتنفيذ اغتيالات بحق المقاومين، ففي عام 1972، قام الموساد بتفخيخ الهاتف الذي يستخدمه محمود الهمشري، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية (غير الرسمي) في باريس، وعندما رد الهمشري على الهاتف، فجّر فريق إسرائيلي قريب المتفجرات المعبأة داخل قاعدة الهاتف عن بعد، مما أدى إلى فقد الهمشري لساقه ووفاته لاحقا. وفي عام 1996، تم اغتيال يحيى عياش، من أبرز قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، عبر هاتف محمول من طراز موتورولا ألفا٬ فُخخ بنحو 50 غراماً من المتفجرات.
وأوضحت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية ضمن مقال بعنوان “النظام البدائي للرسائل المشفرة هو من يبقي زعيم حماس على قيد الحياة”، أن يحيى السنوار، لم يكن ليظل حيا حتى اليوم لولا نظام الاتصالات منخفض التقنية، المصقول في السجون، والذي يحميه من الشبكة الاستخباراتية الإسرائيلية.
ويشير المقال أن السنوار “تجنب، إلى حد كبير، المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وغيرها من الاتصالات الإلكترونية التي يمكن لإسرائيل تعقبها، والتي أودت بحياة قادة آخرين للفصائل المسلحة”