وسام عبد الله
صوّت مجلس النواب الأميركي، لصالح توسيع التعريف المعتمد في وزارة التعليم لمصطلح معاداة السامية، ليكون تعريفها بأنها ” تصوّر معيّن لليهود يمكن أن يتجلّى بكراهية تجاههم. تستهدف المظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية أفراداً يهوداً أو غير يهود و/أو ممتلكاتهم ومؤسسات مجتمعية وأماكن عبادة “.
يعود تاريخ مصطلح “معاداة السامية”، إلى القرن التاسع عشر في أوروبا، الذي يعتبر أن البشرية مقسمة إلى “أعراق” ينتمي إليها الأفراد بالولادة، وهذه الأعراق تنتمي في جزء كبير منها إلى عائلات لغوية.
وكانت كراهية اليهود تعتبر ناتجاً من صفاتهم العرقية، بحسب النظريات الاوروبية حينها. وهي مواصفات كانت تعتبر إما ممقوتة في الواقع، وإما أنها تحض الآخرين على الشعور بالكراهية تجاهها. ومن المفترض أن يحمل هذه المواصفات في الأساس أفراد ما يسمى العرق السامي كلهم، لجميع الشعوب التي تتحدث أو كانت تتحدث اللغات السامية.
فالمصطلح هو بجذور أوروبية قائمة على تصنيف الشعوب وخلق حالة عداء معها، والكره لليهود الاوروبيين جاء لأسباب عديدة، منها رفضهم لأسباب دينية وإثنية، وحالة عداء اجتماعية نتيجة تولّي اليهود لوظائف محددة دون سواهم مثل جباة الضرائب، كما يتحمل اليهود نفسهم مسؤولية هذا السلوك اتجاههم بسبب تقديم أنفسهم متفوقين على الشعوب بوصفهم ” شعب الله المختار “.
حالة العداء ضد اليهود استغلها الفكر الصهيوني، بالدعوة إلى إنشاء “وطن قومي لليهود “، والإدعاء أنهم يشكلون “أمة واحدة “، وبأنهم يعانون من الاضطهاد في المجتمعات، وجاء الحكم النازي ليكون اللحظة المناسبة لهم للاستثمار سياسيا بما يسمى “الهولوكوست “، وتحميل الاوروبيين عقدة الذنب بما حصل من “مجازر بحق اليهود “، والتعويض عليهم يكون بالدعم السياسي والمالي والثقافي اللامحدود في العلاقة مع الإحتلال الاسرائيلي.
وبدأ يتحول مصطلح “معاداة السامية” مع إعلان إنشاء الكيان الاسرائيلي ونشاط المنظمات الصهيونية، إلى تعريف مرتبط بالعداء اتجاه “وجود اسرائيل”، وجعلوا كل اعتراض على السياسة الاسرائيلية يمثل معاداة للسامية، وهو أمر مرفوض لدى العديد من الدول.
فحين عرف المركز الأوروبي لمراقبة العنصرية ورهاب الأجانب معاداة السامية بأنها ” تصور معين لليهود، يتم التعبير عنه بالكراهية تجاه اليهود، مظاهر مناهضة السامية اللفظية أو المادية يتم توجيهها نحو الأفراد اليهود أو غير اليهود و/أو ممتلكاتهم، ومؤسسات المجتمع اليهودي ومرافقه الدينية”، أضافت وزارة الخارجية الاميركية عليه فقرة “بعض المظاهر يمكن أن تستهدف دولة إسرائيل باعتبارها كيانا جامعا لليهود “.
ومع انطلاق المظاهرات في الجامعات الأميركية الداعمة للشعب الفلسطيني وضد السياسية الإسرائيلية، استعملت الإدارة الاميركية وحكومة الاحتلال مصطلح ” معاداة السامية ” لتوصيف الطلاب المشاركين في المظاهرات وتبرير قمعهم واعتقالهم، والوصول إلى توسيع تعريف المصطلح من قبل مجلس النواب الاميركي.