وسام عبد الله
تصدر تصريحات تعتبر ألا أطماعا للاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وإنما الاجتياحات كانت بسبب عمليات المقاومة فقط، لكن هذه الادعاءات تنفيها المواقف الاسرائيلية منذ تأسيس الكيان، الذي يرى الشمال بأنه الامن المائي الذي يساعده على البقاء.
قبل ظهور حزب الله وحركة فتح، كتب حاييم وايزمان، أول رئيس للكيان ومن مؤسسبه، لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد، قبل عام 1948، يحدثه عن فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين، “من الضروري أن تشمل الحدود الشمالية سهل الليطاني لمسافة 25 ميلاً، مضافاً إليها المنحدرات الغربية والجنوبية لجبل الشيخ.. المناطق الشمالية للمياه من أجل الزراعة والصناعة والطاقة”.
وكل الاحداث التي تلت تأسيس الكيان، تدل أن الرؤية الأمنية لضمان وجودهم، هي بالسيطرة على المياه، ولبنان هو الهدف الابرز والاهم.
عندما اجتاحت إسرائيل لبنان عام 1978، كانت الذريعة، ملاحقة الفصائل الفلسطينية بعد تنفيذها عملية داخل الاراضي المحتلة، لكن الاحتلال اتجه للسيطرة على نهري الوزاني والليطاني، فأقام على الاول مضخات ضخمة لنقل المياه إلى شمال فلسطين المحتلة.
وبعد الاجتياح عام 1982، توجهت فرقة عسكرية إلى بحيرة القرعون واستولت على المستندات والوثائق فيها، والمتعلقة بمياه البحيرة.
وعلى الرغم من تحرير الجنوب عام 2000، هدد أرئيل شارون، رئيس الوزراء الاسرائيلي، عام 2002 بشن حرب على لبنان، بسبب مشروع لسحب كان مياه نهر الوزاني إلى بلدات محررة في الجنوب.
يدرك الاحتلال أنا مستوطناته في الشمال بحاجة دائمة إلى المياه العذبة، والمتوافرة من ينابيع جبل الشيخ، عند تقاطع ينابيع تغذي سورية ولبنان والاردن، وعدم انسحابه من مزارع شبعا واحتلاله الجولان، يأتي ضمن سياق سيطرته على الامن المائي.
وحين حاولت القمة العربية في القاهرة عام 1964، إنشاء آلية بين الدول الثلاث، لحماية نهر الاردن من المطامع الاسرائيلية بسحبه إلى صحراء النقب، قامت دمشق وبيروت وعمان، بمشروع لتحويل روافد النهر، لكن عام 1965 أصدرت جولدا مائير، رئيس حكومة الاحتلال حينها، أوامر بتدمير الآليات التي تعمل على تحويل مجرى مياه نهري الوزاني والحاصباني، وقالت “المياه بالنسبة لإسرائيل بمثابة الدم في العروق لا مفاوضات في حال المساس بها”.
ومنذ فتح جبهة الاسناد من لبنان، دعما للشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الابادة في غزة، يطرح الاسرائيلي ومعه الاميركي، افكاراً وتهديدات، بأن يتم سحب سلاح حزب الله من جنوب نهر الليطاني، وتنفيذ القرار 1701، وانتشار الجيش اللبناني على الحدود، مع تمرير اقتراحات مثل نشر، قوات فرنسية في الجانب اللبناني، وقوات أميركية في شمال فلسطين.
“الليطاني مستقبل لبنان”، مقولة يتم تداولها منذ عقود، وفي إسقاطها على الواقع الحالي، فالنهر كغيره من الينابيع والروافد، هو “نفط” البلاد في قلب منطقة تعاني شح في المياه، وجغرافيا هو جبهة المواجهة لحماية العمق اللبناني من العدوان والمطامع الاسرائيلية.