وسام عبد الله
في عام 1947، قال الروائي الايرلندي سين أوفلون، “لو تصورنا أن البريطانيين حولوا أيرلندا لتكون وطنا قوميا لليهود, فليس لدي أدنى شك في أي جانب ستكون”.
لم يكن الموقف الايرلندي الداعم للقضية الفلسطينية والمندد بجرائم الاحتلال في عدوانه الأخيرة على قطاع غزة، وليد اللحظة، إنما يعود إلى تاريخ طويل من المواقف التي عبّرت من خلالها، شعبا وحكومة، عن تضامنها مع الحقوق الفلسطينية.
فالدولة الاوروربية لم تعترف بالكيان الاسرائيلي إلا بعد 15 عاما من النكبة سنة 1948، ودعت إلى قيام دولة فلسطينية عام 1980، و آخر من فتح سفارة لها على أراضيها عام 1993.
ومع نكسة حزيران 1967، اتخذت الخارجية الايرلندية موقفا واضحا بالدفاع عن قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة.
وفي عام 2017، قررت إدارة العاصمة دبلن، رفع علم فلسطين فوق مبناها الرئيسي يوم 15 أيار، لإحياء ذكرى نكبة فلسطين، وما واعتبرته تنديداً بالاحتلال الوحشي للضفة الغربية وقطاع غزة. ومن ضمن المواقف القانونية، أقرّ البرلمان الأيرلندي، عام 2021، قانونا يعدّ المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين عملا غير قانوني.
ومع العدوان على قطاع غزة بعد عملية “طوفان الاقصى”، صدرت مواقف رسمية من الدولة الايرلندية، كان أبرزها، ما قاله رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار، خلال حفل استقبال في البيت الأبيض، حيث قارن الأحداث في قطاع غزة بماضي أيرلندا في مواجهة الاحتلال البريطاني، مع تسجيله عتبا على الرئيس الاميركي جو بايدن، بسبب مواقفه من الحرب الاسرائيلية على غزة.
وتشكل بريطانيا، أحد اهم القواسم المشتركة بين فلسطين وأيرلندا، من حيث مقاومة الاحتلال وحق تقرير المصير.
وفي السنوات الثلاثين الاولى من القرن العشرين، تضامن الايرلنديون مع اليهود في اوروبا، لما اعتبروه ” تعرضهم للظلم ” من حرب شنتها ألمانيا النازية بحقهم. لكن الأمر تبدل بعد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
وتعتبر أيرلندا أن هناك تشابه وامتداد لسياسة الاحتلال والابادة التي تنتهجها بريطانيا واسرائيل، فالايرلندي ناضل للحصول على حريته بعيدا عن التبعية للتاج الملكي البريطاني، وهو ما يتشابه مع النضال الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني وما تلاه من مقاومة للإحتلال الاسرائيلي
ولا يبتعد الانقسام في الداخل الايرلندي عن الموقف من القضية الفلسطينية، فالجناح السياسي للجيش الجمهوري الأيرلندي المعروف باسم الشين فين، يعلن دعمه لفلسطين، بينما شهدت ايرلندا في فترة الثمانينيات انقساما بين الكاثوليك المؤيدين لفلسطين والبروتستنت الداعمين لاسرائيل.