وسام عبد الله
أظهرت الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، هشاشة كيان الإحتلال والانقسامات السياسية والعسكرية والاجتماعية، التي ازدادت حدتها بعد عملية “طوفان الاقصى” وفتح جبهات المقاومة. وقد وصف الكاتب الاسرائيلي إيهود ياتوم في صحيفة “معاريف”، حال الكيان بعنوان مقاله “في العام السادس والسبعين لاستقلالها: إسرائيل مقسّمة إلى 6 دول وشعب واحد”.
فالمستوطنون فقدوا الإحساس بالأمان والثقة داخل الكيان، فهم بالجبهة الجنوبية، طردوا من بيوتهم، حين استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تقتحم المواقع العسكرية وتأسر الجنود والضباط وبعض المدنيين، الذين كان من المفترض أن يؤمنوا لهم الحماية، ولكنهم انهاروا بدقائق قليلة أمام مقاتلي حركة حماس والجهاد الاسلامي.
أما في الجبهة الشمالية، فلأول مرة بتاريخهم ينزح سكان المستوطنات نحو وسط “اسرائيل” هرباً من ضربات حزب الله، حيث أصبحت مناطقهم “مدن أشباح”، وقد أعلن المسؤولين فيها، عن غضبهم من حكومتهم التي اعتبروها بأنها تخلت عنهم. هذا الشعور تتشاركه معهم عائلات الأسرى لدى المقاومة، فهم منذ ثمانية أشهر يتظاهرون مطالبين بتنفيذ صفقة التبادل للافراج عن أولادهم، لكن دون الوصول إلى نتيجة، كون هدف بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، البقاء في السلطة والمحافظة على مستقبله السياسي، وهنا أضيف انقسام آخر، هو الخدمة العسكرية.
فحتى يراعي نتنياهو، التيار اليميني المتشدد، توجه إلى إعفاء “الحراديم”، من الالتحاق بالتجنيد، فبينما هناك رجال دين وتيار ديني معفيّ من الجيش، هناك فئات شابة تُجبر على الخدمة، مع الإشارة إلى الانهاك الذي أصاب الجنود نتيجة المعارك في قطاع غزة.
قسم من جغرافية البلاد تعيش تحت الحرب وقسم آخر في الوسط بعيد عنها، وجزء من المستوطنين طالته الحرب وجزء هرب منها.
والضغوط الأمنية والسياسية، انعكست على الاوضاع الاقتصادية وخاصة في الشمال والجنوب، نتيجة ضربات المقاومة، فما كان إلا ازياد في أعداد طالبي الهجرة.
بدأ الكيان يفقد السيطرة على ما كان يحاول فرض سلطته عليه، فحتى الضفة الغربية وعرب 48، يتحركون بشكل متواصل، والتي يستفيد منها الاحتلال من تواجد المستوطنات داخلها، لكن هذا الواقع قد ينقلب عليهم، بحال اندلاع اتفاضة شعبية واسعة في قلب الضفة.