وسام عبد الله
تتصدر الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة منذ تشرين الأول 2023، نشرات الأخبار والاهتمام الشعبي، ولكن بالتوازي معها تتعرض الضفة الغربية تصاعداً في ممارسات الإحتلال ضد سكانها، خوفا من اندلاع انتفاضة لا يريدها الاسرائيلي.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أن “مقتل أكثر من 500 فلسطيني فيها منذ السابع من تشرين الأول غير منطقي”، ودعا إلى “وضع حد لسفك الدماء غير المسبوق في الضفة الغربية المحتلة”. وبحسب التقديرات الفلسطينية، فقد استشهد خلال الأشهر الثمانية، 521 شخصا وأصيب حوالي 5 آلاف فلسطيني. كما شنّ الإحتلال حملة اعتقالات واعتداءات واسعة في الضفة الغربية، حيث وصل عدد المعتقلين والموقوفين لنحو تسعة آلاف فلسطيني.
ويعمل الإحتلال على تقطيع السبل بين المدن والقرى في الضفة الغربية، مثل نابلس وطولكرم وقلقيلية، من خلال إقامة نقاط التفتيش ورفع السواتر الترابية، لتضييق حركة التنقل على سكانها، تحسباً لأي عملية فردية تنفذها المقاومة اتجاه الحواجز العسكرية والمستوطنين. كما تنفذ قوات الاحتلال اقتحامات بشكلٍ يوميّ، يتخللها عمليات تفتيش ودهم للمنازل، وإجراء تحقيقات مع سكانها، إضافة إلى استمرارها في سياستها التدميرية، بهدم المنازل وجرف الأراضي الزراعية. كما يؤمن الإحتلال الحماية للمستوطنين، في اقتحاماتهم وتعديهم على السكان والممتلكات الفلسطينية، كحرقهم أشجار الزيتون وتهجمهم على المدنيين في القدس.
هناك قلق لدى الإحتلال من تصاعد عمليات المقاومة داخل الضفة، حيث تصنف بأنه في حال اندلاع المواجهات بشكل أكبر، وانتقالها إلى مرحلة “الإنتفاضة الثالثة”، فستكون أقسى على الكيان الاسرائيلي من عملية “طوفان الأقصى”، كون حكومة الإحتلال عملت خلال العقود الماضية على محاولة السيطرة الكاملة على مفاصل الحياة في الضفة، ومنع ظهور أي حركة مقاومة وقمعها، والتوسع الاستيطاني وتقسيم المناطق الفلسطينية عبر الجدار الفاصل والحواجز، إضافة للدعم الاميركي والذي تمثل بشكل فاضح بافتتاح السفارة الأميركية في القدس بعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبحال تطورت الأوضاع الأمنية، يكون هناك انهيار لكل السياسات العدوانية وعدم تحقيق إي إنجاز رغم كل الجهود المالية والعسكرية التي تم صرفها على الضفة الغربية.
وهذا الخوف، هو الذي يفسر الحملة العدوانية ضد مخيم جنين، كونه يشكل أحد الركائز الأساسية للمقاومة في الضفة، والتي تنطلق منها العمليات دون قدرة على ضبطها. والأخطر بالنسبة للإسرائيليين، هو العمليات الفردية التي ينفذها الفلسطينيون دون الحاجة لانتظار قرار من قيادة معينة، إنما بدوافع ذاتية وطنية، تستهدف الحواجز العسكرية، التي يفرض عليها إجراءات أمنية مشددة، ورغم ذلك لم تتمكن من احتواء قدرة المقاومين على قتل وإصابة جنود الإحتلال.