وسام عبدالله
وضع الاحتلال الإسرائيلي هدفا واضحا منذ بداية عدوانه على غزة في تشرين الاول الماضي، بتدمير البنية التحتية والتهجير والقتل، لمنع كل أشكال الحياة والمقاومة المسلحة في القطاع، وعمل خلال جولة المفاوضات الأخيرة على “تفخيخ” بنود الاتفاق بوضع شروط تضمن له البقاء في القطاع، وأحد أهم شروطه السيطرة على محور صلاح الدين المعروف باسم “محور فيلادلفيا”.
وقال مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في بيان “تمسك رئيس الوزراء بهذا المطلب الأساسي، الذي يشكل ضرورة أساسية لتحقيق أهداف الحرب.. وحتى اليوم، يصر رئيس الوزراء على بقائنا في محور فيلادلفيا لمنع إعادة التسلح”.
“محور فيلادلفيا” هو الشريط الحدودي الممتد بطول 14.5 كيلومتر من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. ويعتبر منطقة عازلة بموجب “اتفاقية كامب ديفيد” الموقّعة بين مصر والاحتلال عام 1979.
فرضت الاتفاقية انسحاب القوات العسكرية من جوانب المحور، والسماح بنشر قوات محدودة العدد والعتاد، بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات، بهدف القيام بدوريات على جانب المحور المصري، لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الأخرى، والمقصود فيها فرض حصار على فصائل المقاومة.
وفي عام 2005، تم توقيع ملحق أمني بالمعاهدة عرف باسم “اتفاق فيلادلفيا”، حين انسحبت القوات الإسرائيلية في إطار “خطة فك الارتباط مع قطاع غزة”، وأشار الاتفاق إلى نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، بنحو 750 جندياً من حرس الحدود المصري، ومهمتهم تتمحور في “مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق”. وفي عام 2007 تولت حركة حماس إدارة قطاع غزة، وخضع “محور فيلادلفيا” لسلطتها، وفرضت “إسرائيل” حصاراً على القطاع.
ومنذ بداية حرب الإبادة على غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”، انتهج الاحتلال سياسة تقسيم الأراضي والسيطرة على المعابر، لعزل القطاع عن كل المساعدات الإنسانية.
وكشفت هيئة البثّ الإسرائيلية، عن رغبة نتنياهو في “نقل موقع معبر رفح، ليكون قريباً من معبر كرم أبو سالم”، ومن ثم تستعيد “إسرائيل” سيطرتها الأمنية على المعبر، كما كانت قبل عام 2005، حتى تتمكن من إجراء تفتيش أمني وفرض رقابة على حركة المرور.
من الجهة المصرية، كان موقف القاهرة رافضا للتعامل مع معبر رفح إلا مع الأطراف الفلسطينية والدولية، وليس الجانب الاسرائيلي. ويأتي الرفض وسط تخوفا من سياسة اليمين المتطرف، بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة نحو سيناء، ليكون “وطنا بديلا” لهم.
وعمل الجيش المصري على تعزيز السياج الفاصل بين مصر وقطاع غزة، عبر الأسلاك الشائكة والجدران الاسمنتية والسواتر الترابية، كما نقلت أبراج المراقبة غرباً داخل الأراضي المصرية بعد أن كانت ملاصقة للحدود.
تؤكد حركة حماس رفضها الشرط المتعلق ببقاء الاحتلال، لمعرفتها أنه سيكون خطوة نحو مشروع أكبر، بمحاصرة المقاومة وتهجير السكان والتحكم بمفاصل الحياة، وتحديدا في المرحلة التالية مع إعادة الاعمار.