وسام عبد الله
إن كان العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان يأخذ الاهتمام الأول في الميدان والسياسة في المرحلة الحالية، إلا أن الضفة الغربية قد تنضم لهما بشكل مباشر خلال العام المقبل، وفقا للتصريحات الإسرائيلية والاميركية التي تدعو لتوسيع الاستيطان وفرض سلطة الاحتلال على ما تبقى من الأراضي المحتلة، ما قد يدفع نحو مواجهة عسكرية أو شعبية متجددة في الاراضي الفلسطينية.
عام 2020، قال بنيامين نتنياهو، “نعتقد أن الفرصة متاحة لإعادة سيادتنا على غور الأردن، وعلى المناطق الإستراتيجية في يهودا والسامرة”. فالمخطط جاهز منذ زمن.
شكّل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الوجه الوقح والواضح، في الفكر التوسعي الإسرائيلي، والذي يعوّل على وصول الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، ليفتح لهم الدعم الكامل، إن “انتخاب ترامب يفتح فرصة لضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة”.
وفي مؤتمر صحفي، قال سموتريتش إن “الوقت قد حان لتطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في يهودا والسامرة”، والتي يقصد من خلالها المصطلح التوراتي الذي يشير إلى الضفة الغربية، واعتبر إن “الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد المتمثل في قيام دولة فلسطينية هي تطبيق السيادة الإسرائيلية على كامل المستوطنات في يهودا والسامرة”.
ومنذ شباط 2023 يحتفظ وزير المالية، بدور وزاري في وزارة الدفاع الإسرائيلية، حيث يتمتع بسلطة كبيرة على الإدارة المدنية ومنسق الأنشطة الحكومية في الأراضي المحتلة، ويشرف بشكل فعّال على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
بدوره قال بنيامين نتنياهو، إن “عام 2025 سيكون عام السيادة في الضفة الغربية، وقد وجهتُ وزارة الدفاع والإدارة المدنية للبدء في العمل التحضيري الشامل والمهني لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة”.
في سياق متصل، قال ترامب خلال حملته الانتخابية، إن “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها”. والاعتماد الإسرائيلي على ترامب، كون فترة ولايته الأولى، اتسمت بتقديم كل ما ترغب به “إسرائيل”، من نقله السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف “بالسيادة الإسرائيلية” على مرتفاع الجولان السوري المحتل.
خلال الأيام الماضية، أصدر ترامب سلسلة تعيينات في إدارته الجديدة، ومعظمهم من الداعمين للاحتلال الإسرائيلي والمؤيدين له، وإن كانت مهامهم تتعلق بالداخل الأميريكي، منهم وزيرة الأمن الوطني كريستي نويم، التي تقدمت سابقا باقترح قانون خاص بولاية ساوث داكوتا يحمل عنوان “ضمان أمن شعب الله المختار”.
تشير التقارير الاعلامية، إلى احتمالية إبرام اتفاق بين ترامب ونتنياهو، يقوم على إنهاء الحرب على قطاع غزة مقابل الاعتراف بسيادة “إسرائيل” على الضفة الغربية.
يعيش في الضفة الغربية نحو 3.3 مليون فلسطيني وحوالي 700 ألف مستوطن إسرائيلي، ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير قانونية كونها تشكل انتهاكاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.
وخلال العام الماضي، تم إنشاء 8681 وحدة سكنية إضافية في مستوطنات الضفة الغربية، وصادرت حكومة الاحتلال نحو 42 ألف دونم من الأراضي، كإعلانها أراضي “دولة” تابعة لإسرائيل أو وضع اليد عليها أو تعديل حدود المحميات الطبيعية، بحسب أرقام هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.
وحذرت منظمة “السلام الآن” غير الحكومية الإسرائيلية، بأن “الضم الرسمي للأراضي الفلسطينية المحتلة يخدم أقلية دينية متطرفة، وسيؤدي إلى كارثة ودمار ما سيدخل إسرائيل في دورة لا نهاية لها من الصراع والحرب، التي يرغب معظم الإسرائيليين في إنهائها”.
خطوات ضم الضفة الغربية، ينهي كل احتمالات قيام دولة فلسطينية ضمن مشروع “حل الدولتين”، التي تسعى دول عربية وغربية إلى إعادة تفعيله. وكأن المرحلة المقبلة ستحدد مستقبل الشرق الأوسط، انطلاقا من مصير القضية الفلسطينية، هل نتجه نحو دولة عنصرية يهودية تشكل عامل تفجير في الاقليم أو ندخل مسار حل الدولتين وما يتطلبه من ترتيبات داخلية وخارجية؟.