وسام عبد الله
مع عودة الدولة السورية إلى الجامعة العربية، وافتتاح سفارات لعدد من الدول الخليجية، كان السؤال الأساسي متى ستعود العلاقات التركية – السورية، وما هي الخطوات التي ستتم للوصول لانهاء أزمة بدأت منذ عام 2011.
فبدأت التصريحات التركية الرسمية توحي بأن هناك تغييراً في السياسة التي انتهجتها منذ عام 2011، بدعمها المعارضة السورية وتسهيل مرور السلاح والمسلحين إلى سوريا، واحتلال جزء من أراضيها شمالا.
فقال وزير الدفاع التركي يشار غولر “نحن على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن فيما يتعلق باعتماد دستور شامل، وإجراء انتخابات حرة، والتطبيع على نطاق واسع، وضمان بيئة آمنة، فقط بعد أن يتم ذلك وتكون حدودنا آمنة تماما سنكون قادرين على النظر في انسحاب القوات إذا لزم الأمر”. ثم صدر التصريح الأبرز للرئيس التركي الذي أشار فيه “لا يوجد سبب لعدم إقامة العلاقات، بمعنى آخر، مستعدون للعمل معاً على تطوير هذه العلاقات مع سوريا بنفس الطريقة التي عملنا بها في الماضي”. ومن الجانب السوري، قال الرئيس الأسد إن انسحاب القوات التركية من سوريا شرط ضروري لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، كما أكد وزير الخارجية فيصل المقداد، أن الشرط الأساسي لأي حوار هو الانسحاب العسكري، “نحن لا نتفاوض مع من يحتل أرضنا”.
ودخلت خلال السنوات السابقة وساطات لإحداث تقارب بين الطرفين، ففي عام 2022، عُقد أول لقاء في روسيا بين وزيري دفاع تركيا وسوريا، حيث يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتذليل العقبات بين الدولتين. وسنة 2017 عقدت محادثات “مسار أستانا”، برعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران، وممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية.
وفي الآونة الأخيرة دخل العراق كوسيط بين دمشق وأنقرة، حيث أفادت صحيفة “الوطن” السورية بأن هناك “اجتماعاً سورياً – تركياً مرتقباً ستشهده العاصمة العراقية بغداد”. وتدرك الحكومة العراقية أهمية نزع فتيل الأزمة بين البلدين، كون هناك مصالح مشتركة بينهم، على صعيد الأمن والماء وخطوط النقل.
فيما يتعلق بإدلب، تخشى تركيا أن تدفع المعارك إلى حدوث موجة نزوح لأكثر من أربعة ملايين شخص باتجاه أراضيها، وهي التي بدأ تتخذ إجراءات للتضييق على النازحين السوريين لديها الذي يبلغ عددهم نحو 3.5 ملايين شخص. كما ترغب الحكومة التركية بإنهاء إمكانية إنشاء إدارة ذاتية كردية على حدودها تشكل تهديدا على وضعها الداخلي.
وشهدت المناطق السورية التي تقع تحت الاحتلال التركي، توترا تمثل بحرق شاحنات تركية وإنزال للأعلام، واشتباكات بين المجموعات المسلحة والقوات التركية، مرددين شعارات رافضة لخطوات التقارب التركية من دمشق. وكانت شهدت مناطق تركيا، اعتداءات على النازحين السوريين وتكسير لمحالهم.
وقد تتخذ تركيا من هذه الأحداث ذريعة لتبرير انسحابها، بحجة أنها لم تعد آمنة لقواتها.
مراحل عديدة مرت بها العلاقة بين الطرفين. في شهر آب 2011 طالبت تركيا الرئيس الأسد بالتنحي عن منصبه، وفي الشهر ذاته تأسس على أراضيها ما عرف بـ”الجيش السوري الحر”، وفي آذار 2012 أغلقت أنقرة سفاراتها في دمشق. لتتصاعد بعدها التصريحات والمواقف التركيا ضد الدولة السورية، مع استضافة مؤتمر “أصدقاء سوريا” لأكثر من سبعين دولة ومعارضين سوريين، وفي تشرين الأول 2012، منح البرلمان الحق للحكومة التركية بتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية. وفي عام 2018 احتلت منطقة عفرين ضمن عملية “غصن الزيتون”، وفي عام 2019، أطلقت تركيا عملية عسكرية لإنشاء منطقة آمنة شرق نهر الفرات تحت اسم “نبع السلام”.
والسؤال، إن حدث التقارب السوري – التركي، ماذا سيكون الموقف القطري، الحليف الأقرب لأنقرة، وهل ستبقى الدوحة، الدولة العربية الوحيدة البعيدة عن دمشق أم أننا سنشهد مع الوقت تبدلا في سياستها؟.