وسام عبدالله
في لحظة استنفر بها الاحتلال الإسرائيلي كافة إمكاناته العسكرية والاستخبارتية لمواجهة رد محور المقاومة على عمليات الاغتيال ضد قادته، تأتي ملامح عودة العمليات الاستشهادية مجددا، لتنقل المواجهة داخل فلسطين لمرحلة مختلفة عن الأشهر السابقة.
أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تبنيهما للعملية في تل أبيب، على الرغم أنه لم يكتب لها النجاح وانفجرت العبوة الناسفة التي كان يحملها الاستشهادي قبل وصوله للمكان المستهدف.
وأشار قائد شرطة تل أبيب أنه لم تكن لديهم “معلومات بشأن أي خلفية جنائية أو قومية لمنفذ التفجير..وصل (منفذ العملية) من الضفة الغربية وخطط لتنفيذ عملية كبيرة”، حيث تشير التقديرات أنه جاء من مدينة نابلس وتسلل لمدينة تل أبيب وتجول في شوارعها.
توقيت التحضير للعملية، يأتي ضمن مسار ضغط المفاوضات واستمرار حرب الإبادة على سكان غزة، فأعطت المقاومة الرسالة بأنها تملك القدرة على إطلاق العمليات الاستشهادية، لما تحمله من أهمية كبيرة كونها ستكون ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تخضع للسيطرة الكاملة من قبل قوات الإحتلال.
لم تعد الحاجة لتنفيذ العمليات أن تكون عبر سيارة مفخخة، إنما يكفي تحضير عبوة ناسفة بمواد بسيطة ضمن أماكن بعيدة عن الرصد الإسرائيلي، فيتم حملها والتنقل بها عبر الحافلات وسيرا على الأقدام دون أن تلفت الانظار.
وتفرض عودة العمليات هاجسا لدى الاحتلال، للقدرة التي تملكها في إحداث ضرر داخل المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وانعدام الثقة بين الأجهزة الرسمية والمستوطنين، كونها تنفذ في قلب المدن وعلى الحواجز ومعابر التفتيش.
هذا الأسلوب من المقاومة، يتسم بسهولة التنفيذ والحركة وصعوبة ضبطها وملاحقتها، فالمواجهة المباشرة بالسلاح يمكن تقدير المكان والزمان والعدد، أما الاستشهاديين فلديهم الامكانيات على ابتداع الطرق للوصول إلى هدفهم باللحظة المناسبة.
شكلت العمليات الاستشهادية أداة رئيسية في عمليات المقاومة على مدى عقود طويلة، والتي شملت أيضا المقاومة اللبنانية، ولكن الفصائل الفلسطينية اتخذت قرارا قبل أكثر من خمسة عشرة عاما بالتوقف عن تنفيذها، ضمن سياسة مراعاة الرأي العام العالمي كونها توقع قتلى من المستوطنين.
لكن مع الحرب الإسرائيلية على غزة، ووصول المفاوضات لحائط مسدود بسبب شروط نتنياهو غير المقبولة من قبل المقاومة، تتجه الفصائل الفلسطينية للانتقال لمرحلة جديدة، وتحديدا عبر تنسيق العمليات بين الضفة الغربية وغزة، وقد تكون العبوات الناسفة داخل المستوطنات أحد أساليب الضغط على حكومة الاحتلال وأجهزته العسكرية.