وسام عبد االه
انهيار متسارع تمر به القدرات العسكرية السورية، المستفيد الأول منه هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي دمر الطائرات والسفن الحربية والمنشآت والمواقع، واحتل هضبة الجولان، ليعود الجيش السوري لنقطة الصفر، ويدخل في مسار طويل ومعقد في إعادة التشكيل والبناء وتحديد الخيارات.
مع الاحتلال الأميركي للعراق، كان القرار الاول حل الجيش العراقي، بحجة أنه “جيش صدام”، فأعلن الحاكم المدني الأميركي لبغداد بول بريمر حل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتسريح مئات الآلاف من الجنود والموظفين. وكما كان غزو العراق، بذريعة وجود أسلحة دمار شامل، هي كذلك حجة تبعية المؤسسة العسكرية للرئيس المخلوع. فكان الهدف، أن يكون القرار العسكري، مرتبطا بالخيارات السياسية التي تحددها واشنطن، كونها التي ستدرب وتسلح، بأن تخرج العراق عسكريا من المعادلة في الشرق الأوسط، كونه كأن أقوى الجيوش العربية، ليصبح منهكا في الداخل، فتتمكن أميركا من السيطرة على ثروات العراق، والأهم هو حماية “إسرائيل”، من أي تهديد محتمل من تلك القوة.
في لبنان، الجيش رهن القرارات السياسية، التي تتدخل فيها أميركا، وهي أكبر الداعمين له، بالمال والعتاد المتواضع، فلا تملك القوات العسكرية القدرة الصاروخية الكافية لخلق توازن ردع بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ومع إعلان وقف إطلاق النار، وطرح خطة لانتشار الجيش في جنوب لبنان، تكون المؤسسة العسكرية أمام تحدّيات جديدة، في تأمين العداد اللازم لتغطية المنطقة جغرافيا، وامتلاك السلاح المناسب للمهمة، ولكن، هل سيلتزم الاحتلال بمنع التعدي على السيادة اللبنانية، وفي حال تجاوزه، هل سيملك الجندي اللبناني السلاح القادر على رد عدوانه؟.
نقاط وتساؤلات حول مستقبل القوة العسكرية السورية، فمن الجهة التي ستتولى تسليح الجيش، جهة عربية أم أجنبية؟، كيف سيعاد تشكيل القوات وتوزيعها جغرافيا، كيف سيكون التعاطي الاحتلال الإسرائيلي جنوبا، هل يتحول الجيش لحرس حدود أو يكتفي بملاحقة التنظيمات المسلحة في الداخل أم بطريقه نحو إعادة بناء متين؟. وعلى أي أساس “فكري”، عقيدة، أم بعيدا عن الايديولوجيا؟. كيف ستحدد العلاقات مع الخارج، وما مصير القواعد العسكرية الروسية على الساحل، وهل سيكون إعادة تكوين الجيش مرتبط بخطة متكاملة من إعادة الاعمار الشاملة، والتي في جوهرها قرار سياسي ودولي؟.