وسام عبد الله
على وقع التهديدات الإسرائيلية بشنّ عدوان على لبنان خلال اليومين الماضيين، ظهر أمس مشهد يحمل دلالة على عمق الأزمة التي يمر بها كيان الاحتلال، على المستوى الأمني والمجتمعي والسياسي، والتي تمثلت بالصدامات بين القوى الأمنية والمتطرفين أمام معتقل سدي تيمان وقاعدة بيت ليد العسكرية.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية أن عشرة جنود اعتدوا بالضرب المبرح على أسير من غزة، وتم نقله إلى المستشفى وعليه إصابات خطيرة، ما استدعى فتح الشرطة العسكرية تحقيقا معهم بتهم الاعتداء جنسيا والتعذيب والتنكيل بالأسرى.
المؤكد أن التحقيق ليس بهدف العدالة، إنما لمحاولة إظهار بأن في “إسرائيل” قضاء وسلطة، على ضوء الابادة الجماعية التي ترتكبها بحق سكان غزة.
ووفقا لجيش الإحتلال، فالبيانات تشير إلى مقتل 48 فلسطينيا على يد الجنود، معظمهم أسرى تم اعتقالهم من قطاع غزة، ومن بينهم 36 تم احتجازهم في سدي تيمان.
التيار اليميني المتشدد عبّر عن رفضه لتوقيف الجنود الإسرائيليين، فاقتحم مئات المتطرفين معسكر الاعتقال، ووقعت صدامات بين ضباط الشرطة العسكرية من جهة وجنود الاحتياط ومتطرفي اليمين من جهة أخرى.
وتمكنت الشرطة العسكرية من نقل الجنود الموقوفين إلى قاعدة بيت ليد العسكرية شمال تل أبيب لاستكمال التحقيقات، لكن المتطرفين الإسرائيلين عادوا وتوجهوا إلى تلك القاعدة وتمكنوا من اقتحامها مطالبين باستقالة رئيس الأركان وسجنه محل الجنود الموقوفين.
حالة الفوضى في قاعدة بيت ليد دفعت جيش الاحتلال لنقل 3 كتائب، كان من المقرر أن تدخل قطاع غزة، وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن الجيش أبلغ كتيبتين من لواء ناحال وكتيبة من اللواء 401 (مدرّعات)، بالانتقال إلى بيت ليد. كما قالت إذاعة الجيش الاحتلال إن قيادة الجيش قررت سحب قوات من الضفة الغربية والدفع بها لحماية المعسكر.
مشهد الصدام بين القوى الأمنية والمتطرفين، دفع الاعلام الإسرائيلي والسياسيين إلى وصفه بأنه يدل على الأزمة الوجودية التي يعيشها الكيان والتي تشير إلى إمكانية اندلاع حرب أهلية في المستقبل القريب.
وقال زعيم المعارض يائير لبيد “هذه ليست أعمال شغب بل محاولة انقلاب من مليشيا مسلحة ضد رئيس وزراء ضعيف غير قادر على السيطرة على حكومته”.
وتوجه إلى نتنياهو قائلا “من يدخل المجرمين إلى حكومته لا ينبغي أن يفاجأ عندما يفقد السيطرة عليهم”، في إشارة إلى التيارات اليمينية المتشددة الموجودة في الحكومة.
فيما وصف رئيس حزب العمل الإسرائيلي “يجب التحقيق في تورط قادة بالشرطة وأعضاء كنيست ووزراء في محاولة الانقالاب”.
وأضاف “مسؤولون كبار في الجيش أكدوا امتناع الشرطة عن إرسال تعزيزات إلى السجن لمدة ثلاث ساعات..التحقيق في ما جرى في سدي تيمان قد يقود إلى مكتب وزير الأمن القومي نفسه”.
وكتب آفي أشكينازي في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية إن “الأحداث التي وقعت ليل أمس من اقتحام قواعد الجيش الإسرائيلي هي بداية النهاية لدولة إسرائيل”.
يقع معتقل سدي تيمان داخل القاعدة العسكرية التابعة للقيادة الجنوبية بجيش الاحتلال في صحراء النقب، وقد أعيد افتتاحه مع اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول 2023، بهدف احتجاز الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم من القطاع، حيث بلغ عددهم نحو 1500 أسير فلسطيني، وذلك بموجب أمر عسكري صادر عن وزير الدفاع يوآف غالانت.
داخل القاعدة العسكرية أقيمت معتقالات تحت إشراف الجيش والأجهزة الأمنية، من أماكن احتجاز واعتقال واٌقفاص حديدية، وذلك تنفيذا لقانون “المقاتلين غير الشرعيين”، الذي يمنح رئيس هيئة الأركان الحق بتنفيذ اعتقالات إدارية دون المرافعة القانونية، بعيدا عن رقابة سلطة السجون الإسرائيلية.
وهي ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها القاعدة العسكرية كمنشأة اعتقال، فخلال المعارك السابقة مثل معركة “الفرقان” عام 2008، ومعركة “البنيان المرصوص” عام 2014، اعتقل مئات الفلسطينيين من غزة داخل القاعدة وتعرضوا لأقسى أنواع التعذيب.