وسام عبد الله
منذ بداية عملية طوفان الاقصى والعدوان الاسرائيلي على غزة، صدرت مواقف رسمية من اميركا اللاتينية، تؤكد دعمها للشعب الفلسطيني وتنديدها بجرائم الاحتلال، فأعلنت بوليفيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، واستدعت تشيلي سفيرها منها، واتخذت كولومبيا القرار نفسه، ووصف الرئيس البرازيلي لولا دا سليفا الحرب الإسرائيلية في غزة بمعاملة هتلر لليهود.
مرّت العلاقات بين الإحتلال ودول أميركا اللاتينية، بمراحلة مختلفة، ارتبطت بطبيعة الأحزاب الحاكمة في القارة الجنوبية، فحين كان النظام الحاكم “دكتاتوري” أو بتوجهات يمينية، تكون العلاقات في أفضل أحوالها إلى حد التنسيق، وحين يتبدل الحكم ويكون يساريا، تقطع العلاقات وتتوتر وتظهر التصريحات الواضحة المعارضة للاحتلال.
فحين صدر قرار تقسيم فلسطين سنة 1947، حظيّ بتأييد حوالي 13 دولة من أميركا اللاتينية، عدا كوبا التي صوتت ضد القرار. فيما أعلنت كافة دول موافقتها على قبول عضوية “اسرائيل ” في الامم المتحدة عام 1948.
وكان من الطبيعي وجود تناسق وتناغم بين الكيان الاسرائيلي والأنظمة الدكتاتورية، فأمدّت حكومة الاحتلال الانظمة بمختلف أنواع الأسلحة، فدعمت حكم الرئيس الارجنتيني خورخي فيديلا، بالصادرات العسكرية، كما قدمت التدريبات للقوات التشيلية في فترة حكم الرئيس بينوشيه لممارسة القمع ضد شعبه، إضافة لتزويد كولومبيا بالسلاح وتقديم التدريب العسكري.
ومع صعود قوى اليسار في أميركا اللاتينية وتسلمها الحكم لفترات طويلة، بدأت معالم العلاقات تتبدل بين الطرفين.
فسنة 2008 قام الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز بطرد السفير الاسرائيلي في بلاده احتجاجا على العدوان على قطاع غزة.
وقطعت بوليفيا برئاسة إيفو موراليس علاقتها بالإحتلال سنة 2005، انطلاقا من “المبادئ السلمية والمناهضة للإمبريالية “، كما وصفها موراليس.
والرئيس البرازيلي دا سيلفا أعلن خلال زيارته للضفة الغربية عام 2010، عن رؤيته أن تكون فلسطين مستقلة وحرة، ومعترفاً في وقت لاحق بفلسطين كدولة مستقلة ضمن حدود عام 1967.
مساحة اللقاء بين الفلسطينيين وشعوب أميركا اللاتينية ليست وليدة المواقف السياسية فقط، وإنما لدى الشعوب الأصلية في تلك الدول، تجربة بتعرضهم للإبادة الجماعية والتعذيب والحكم الديكتاتوري وخسارتهم لأراضيهم، بما يشبه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، إضافة لتدخل “إسرائيل” في دولهم ودعمها للحكومات المؤيدة لها، وتصاعد نشاط المنظمات الداعمة للقضية الفلسطينية وتنسيقها مع الاحزاب والقوى في دول أميركا الجنوبية.