وسام عبد الله
عقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) قمته في واشنطن خلال الفترة من 9 حتى 11 تموز الحالي، تزامنا مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه، بمشاركة اثنين وثلاثين دولة. في لقاء تمحور حول استمرار تقديم الدعم لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وتعزيز الخطط الدفاعية المشتركة بين أعضاء الحلف.
تعتبر أوكرانيا المحور الأساسي في نقاشات الحلفاء، كونها تشكل المواجهة العسكرية والسياسية المباشرة مع موسكو، حيث يسعى الناتو إلى تهيئة الظروف والأرضية لانضمام كييف إلى الحلف في المستقبل، وهو ما ترفضه روسيا بشكل قاطع كونه يشكل تهديدا لأمنها القومي،
ويعتبر تجاوزا للخطوط الحمراء التي وضعت بين موسكو والناتو بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1990.
وانضمام كييف لحلف شمال الأطلسي، ليس مقتصرا فقط على الملف العسكري، بالتدريب والتسليح وتهيئة البنية التحتية الأمنية، وإنما يوضح الناتو أن هناك “إصلاحات” يجب أن تنفذ في أوكرانيا حتى تكون متناسبة مع قيم الحلف ومعاييره.
ويتولى تنسيق العمليات بين أوكرانيا والناتو عبر جهتين، الأولى، جنرال عسكري متواجد في ألمانيا يدير التنسيق الأمني والتدريبات وتطوير المقدرات العسكرية، والثاني، ممثل مدني رفيع المستوى للناتو في كييف لتعزيز العلاقة المؤسساتية بينهما. وأعلن الحلف
عن نيته تقديم 40 مليار دولار كحد أدنى من التمويل الأساسي خلال العام المقبل وتوفير مستويات مستدامة من المساعدات الأمنية لأوكرانيا.
تمثل الخطة الدفاعية أساس عمل دول حلف شمال الأطلسي، عبر تطوير القاعدة الصناعية العسكرية وزيادة الانفاق الدفاعي، عبر رفع الدول المنضوية في الحلف من إنفاقها لتوريد المزيد من الدعم المالي، وذلك على كافة المستويات من التسليح، في الجو والبر والبحر والفضاء والأمن السيبراني.
وجه حلف الناتو دعوات لدول أخرى من منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مثل أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، إضافة للاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، وذلك لمناقشة التنسيق المتزايد في مجال الأمن في المنطقة الأورو-أطلسية ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، في رسالة واضحة نتيجة تنامي العلاقة بين روسيا وكوريا الشمالية، والتنسيق الصيني الروسي. وخلال الحرب الروسية الاوكرانيا، أرسلت كل من اليابان وكوريا الجنوبية، مساعدات غير عسكرية إلى كييف، مثل المعدات الطبية ومعدات الاتصال.
وقبل أيام من قمة الناتو، عقدت منظمة شنغهاي للتعاون، قمة جمعت قادة عشرة دولة في كازخستان، حملت بدورها رسائل واضحة للأميركيين والأوروبيين بضرورة عدم تجاوزهم حدود سيادة الدول.
وحذر الرئيس الصيني شي جين بينغ، من “عقلية الحرب الباردة الغربية” ودعا إلى تعزيز التعاون بين أعضاء المنظمة لمواجهة التدخل الخارجي. كما شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة تعزيز “بنية جديدة من التعاون والأمن غير القابل للتجزئة والتنمية في أوراسيا”.
في المحصلة، تعتبر أوكرانيا بالنسبة لحلف شمال الأطلسي جسر عبور نحو روسيا والصين، والتي تعتبر المعركة الكبرى في شرق آسيا، في بحر الصين الجنوبي وتايوان وانقسام الدول الاسيوية بين حليفة لواشنطن أو بكين، مما يدل أن مسار المواجهة في محاولة لنقل الصراع إلى الداخل الآسيوي وتطويق الصيني عسكريا، وفي المقابل هناك مواجهة له بالتمدد في دول كانت تعتبر مناطق نفوذ للولايات المتحدة الأميركية مثل الشرق الأوسط.