وسام عبد الله
حين تولى المطران مكاريوس الثالث، رئيس أساقفة الكنيسة القبرصيّة الارثوذكسية، رئاسة الجمهورية في قبرص عام 1959، رفض الاعتراف بالكيان الاسرائيلي والانضمام لحلف شمال الأطلسي، بمقابل إعلان دعمه للقضية الفلسطينية ونسج تحالفات مع الدول المناهضة للاستعمار.
وتلقى مكارويس الدعم من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، حيث وصفه عبد الناصر بأنه من “انصار الله” لدعمه المظلومين، وفي زمن الانقلاب عليه المدعوم من أميركا وتركيا، عبر الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد عن استعداد بلاده لاستقباله وحمايته، وفيما يتعلق بفلسطين، فقد أكد الرئيس القبرصي لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات أن بلاده جاهزة لافتتاح سفارة فلسطينية وتقديم كل التسهيلات لها.
لكن هذه السياسة لم يكتب لها الاستمرار بسبب الضغط الأميركي والبريطاني، والعمل على تقسيمها، لمنع تحول الجزيرة إلى مساحة مناهضة للمشاريع الغربية في المنطقة، لأهميتها الجغرافية كونه ينظر إليها بأنها “قاعدة بحرية” للسيطرة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، من اليونان وصولا إلى مصر.
ففي قبرص تتواجد قاعدة “أكروتيري” التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، والتي تعتبر “عين بريطانيا” التجسسية في المنطقة، والتي استخدمت لتنفيذ عمليات عسكرية بريطانية وأميركية ضد ليبيا وسوريا والعراق، وأخيرا باتجاه حركة “انصار الله” اليمنية على خلفية استهدافها السفن الاسرائيلية ضمن دعمها للشعب الفلسطينية في غزة.
ونسجت قبرص علاقات مع الاحتلال الاسرائيلي على مدار العقود الماضية، وكان أساس المصلحة بينهما هو استخراج الغاز الطبيعي من المناطق الاقتصادية البحرية المشتركة بينهما في البحر الابيض المتوسط.
وتعتبر قبرص ملجأ لمختلف شعوب المنطقة في زمن الحروب لموقعها القريب منها، من الحرب الاهلية في لبنان إلى اللاجئين السوريين، وضمن هذا السياق تنظر “إسرائيل” إليها بأنها يمكن أن تكون وطناً بديلاً للفلسطينيين في مخطط تهجيرهم.
نفذ الاحتلال الاسرائيلي تدريبات عسكرية على الجزيرة القبرصيّة، التي تحاكي الحرب مع لبنان، لتشابه تضاريسها وطبيعتها معه، ومنها عام 2022، تحت مسمى “مركبات النار”، حيث جرت مناورات في مناطق حضرية وريفية، لتحسين جهوزية جيش الاحتلال. وفي شهر أيار 2023، أجرت تدريب عسكري تحت مسمى “شمس زرقاء”، في مناورات مشتركة لسلاحي الجو والبر، وتدريبات على القتال في المناطق الوعرة.
وحذر أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، في خطاب له يوم الاربعاء، الحكومة القبرصية، أنه في حال فتحت مطاراتها وقواعدها أمام إسرائيل بحرب محتملة على لبنان، ستعتبر حينها جزء من العدوان. ليردّ الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس نافياً تورط بلاده في “أي شكل من الأشكال في الأعمال العدائية”، فيما أشار المتحدث باسم الحكومة أنه لن يتم منح أي دولة الإذن بإجراء عمليات عسكرية عبر قبرص.