وسام عبد الله
تظهر الصراعات داخل المجتمع “الاسرائيلي” بشكل مستمر، إن كان بين اليهود الشرقيين والغربيين، أو بين “العلمانيين” والمتشددين، عبر طريقة إدارة الكيان والعمل السياسي والطبقات الاجتماعية، ويشكل قانون التجنيد أحد تلك المساحات التي توضح الازمة البنيوية لدى كيان الاحتلال.
فمنذ عام 1948، عارضت طائفة الحريديم بكل تياراتها السياسية، الالتحاق بالخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي، وتم إعفاؤهم من الخدمة عبر تفاهمات عرفت باسم “الوضع القائم”، والتي تشير أن يدرس الشبان الحريديم في المعاهد الدينية اليهودية لتدريس التوراة ويحصلون على مخصصات، مقابل أن يكون عملهم الأساسي هو حصولهم على التعاليم الدينية اليهودية.
وفق إحصائيات معهد ديمقراطية اسرائيل، فإن ” السكان الأرثوذكس المتشددين في إسرائيل هم من الشباب، حيث إن حوالي 60% منهم تحت سن العشرين، مقارنة بـ 31% من إجمالي سكان البلاد، حيث بلغ عدد السكان الحريديم حوالي مليون و280 ألف نسمة، مقارنة بـ 750 ألف نسمة عام 2009، وباتوا الآن يشكّلون 13.3% من إجمالي سكان دولة الاحتلال “.
وبعد عملية “طوفان الاقصى” والإبادة التي يتعرض لها سكان غزة والجبهة المتعددة التي يحارب فيها جيش الاحتلال، أطلقت دعوات من قبل مسؤولين اسرائيليين لزيادة عديد العسكر، وهو مؤشر إلى حالة النقص والقتلى في صفوفهم.
وكانت أبرز التصريحات التي فجرت الازمة، ما أدلى به وزير الدفاع يوآف غالانت، عبر دعوته إلى تعديل قانون التجنيد ودعوة الحريديم إلى الخدمة العسكرية، قائلا ” نعتزّ ونقدّر أولئك الذين يكرسون حياتهم لتعلم التوراة، ومع ذلك من دون وجود مادي لا وجود روحي. تثبت التحديات الأمنية التي نواجهها أنه يجب على الجميع أن يتحملوا عبء الخدمة “.
هذا التصريح قابله موقف معارض من قبل الحاخام الأكبر لليهود السفارديم، إسحاق يوسف، بعد أن هدد بإمكانية مغادرة الحريديم كيان الاحتلال بشكل جماعي إلى الخارج، حال تم إجبارهم على أداء الخدمة العسكرية.
وتأتي هذه المواقف لتشكل أزمة داخلية بالنسبة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عبر إمكانية حل حكومته ومجلس الحرب والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
فإما أن تصل الامور إلى توافق بين الاحزاب الحريدية من جهة، وحزب الليكود وبيني غانتس من جهة أخرى، أو يكون الخيار أمام غانتس وغالانت هو الرضوخ والانسحاب من المطالبة بتجنيدهم، وإما رفض الحريديم المشروع وبالتالي تفكك الحكومة.
ومنذ توسيع حكومة الطوارئ بعد 7 تشرين الاول الماضي، وضع نتنياهو في مواجهة مع غالانت وغانتس، مما يؤدي انسحابهما إلى حصار نتنياهو بشكل كامل من الداخل.
وتعود الازمة الحالية إلى عام 2017، مع فشل الحكومات المتعاقبة بالتوصل إلى صياغة قانون يقضي بتجنيد الحريديم، وذلك بعد أن ألغت المحكمة العليا القانون الذي شرّع عام 2015 والقاضي بإعفائهم من الخدمة العسكرية.