أظهرت عملية “طوفان الأقصى” مدى هشاشة المنظومة الأمنية والعسكرية لدى الاحتلال الإسرائيلي، والتي لن تفارق العقل السياسي والأمني لسنين طويلة.
وأجرى اللواء المتقاعد، ميكي إدلشتاين، تحقيقا حول مستوطنة “بئيري”، وهي أكبر المستوطنات في منطقة “غلاف غزة”، حين شنّت المقاومة الفلسطينية هجومها واستطاعت اقتحام العديد من المواقع العسكرية وأسر عسكريين ومدنيين.
ويصف إدلشتاين ما حدث بأنه “فوضى التي لا تصدق”، حيث أوضح التقرير، أن المستوطنة اقتحمها نحو 340 مقاتلا من كتائب القسام، وتعرض موقع “ميغين بئيري” العسكري لهجوم، وتم حصار جنود غولاني الذين كانوا في القاعدة.
وأوضح التقرير، ان جنود غولاني وقيادة “فرقة غزة” لم يتمكنا من تقديم الدعم والمساعدة للمستوطنين خلال ساعات الهجوم الأولى وإنما كانوا “بحالة شلل”.
واعتبر إدلشتاين، ان مقاتلي كتائب القسام تمتعوا بميزة المفاجأة، مع غياب التقارير الاستخباراتية والاستعدادات الدفاعية، “لم تكن قوات الشرطة، التي تبعتها وحدات الجيش في الوصول إلى “بئيري”، مجهزة بصواريخ مضادة للدبابات، أو قنابل يدوية.. ولم يبدأ ميزان القوى بالتغيّر إلّا حوالي الساعة 2 ظهراً، عندما بدأ الجيش الإسرائيلي بحشد مزيد من المقاتلين، وغادر بعض مسلحي كتائب القسّام الكيبوتس (المستوطنة) مع غنائمهم والمخطوفين والجثامين في اتجاه القطاع..لم تصل أيّ تعزيزات من “فرقة غزة” لأن هذه الفرقة تعرضت للهجوم”.
وأشار التحقيق، أن وحدتا قوى النخبة، وحدة الاستطلاع ووحدة شلداغ (قوات النخبة في سلاح الجو)، “ارتكب قادتهما أخطاء جسيمة. فالقوة الصغيرة التابعة لوحدة “شلداغ”، كانت وصلت إلى الكيبوتس في الصباح، ثم انسحبت من خط المواجهة الأول ضد المسلحين، بعد أن سقط في صفوفها قتيل وجريح، وقامت بإخلائهما من الكيبوتس مع مدني آخر مصاب. وتمركزت القوة عند بوابة الكيبوتس لتحاول منع دخول مزيد من المسلحين. في مساء اليوم التالي، قرر قائد وحدة الاستطلاع التابعة لأركان الجيش الإسرائيلي إخراج رجاله من الكيبوتس، ربما بسبب نقص في الذخيرة، من دون الحصول على إذن من القيادة، أو البحث عن قوات بديلة تحل محل المنسحبين”.
ويوضح الكاتب الإسرائيلي عاموس هرئيل، في صحفية “هآرتس”، بأن أسباب الفشل يعود “لردة فعل الجيش الإسرائيلي البطيئة والمتأخرة، بعد مباغتته بالهجوم. لقد مرّ وقت طويل جداً إلى أن تم حشد القوات وإنشاء سلسلة قيادة مرتجلة (بدلاً من سلسلة القيادة التابعة للفرقة التي انهارت)”.
من جانبه يعتبر الكاتب عوفر شليح، في صحيفة “يديعوت أحرنوت” بأن “أفضل وحدات الجيش عملت بشكل غير مهني، وبتردّد، والقيادة والسيطرة لم تكونا موجودتين نهائياً، وفي الساعة 13:30، لم يوجد داخل الكيبوتس الكبير في المنطقة إلا 26 جندياً. هذا مُعطى لا يصدق”.
وأضاف “خطة الدفاع التي جهزتها قيادة منطقة الجنوب لا تستحق هذا الاسم. الجنود القليلون الذين كانوا في الموقع المسمى “حامية بئيري” كانوا منشغلين منذ ساعات الصباح بالدفاع عن حياتهم الخاصة”.
التقرير الصادر هو تحقيق لمنطقة واحدة في “غلاف غزة”، بينما هناك العديد من المستوطنات والمواقع العسكرية التي استطاعت المقاومة الفلسطينية اقتحامها، فكانت أهم نتائجها خلق فجوة عدم ثقة بين المستوطنين وجيش الاحتلال، والتي تضاعفت خلال الأشهر التسعة الماضية، مع فشل المنظومة الأمنية من القضاء على حركة حماس في قطاع غزة، والاخفاق في السيطرة على الجبهة المفتوحة شمالا مع حزب الله، والتي تشكل الهاجس الأكبر لدى قادة الجيش الاسرائيلي، بأن تشهد مستقبلا “طوفانا” مشابها لما حدث في غزة.
صدور التحقيقات والتقارير، والتي ستكشف الإخفاق الكبير في كيان الاحتلال، تظهر سبب خوف رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من الدخول في مسار لجنة التحقيقات حول ما حدث في تشرين الأول.