وسام عبد الله
كل قطاع غزة محاصر وتحت النيران الإسرائيلية، ولا منطقة آمنة أو أفضل حالاً من غيرها، إلا أنه في الأسابيع الأخيرة اشتد العدوان على شمالي غزة، لتتضاعف معاناة السكان منذ تشرين الأول الماضي، مع نقص المواد الصحية والغذائية وازدياد أعداد الشهداء والجرحى.
كعادته يعمل الاحتلال على التحكم بالحياة عبر تحديد مسارات سيرهم ونزوحهم. فقبل أسابيع، طالب السكان الموجودين في منطقة D5، التي تشمل منطقة مخيم جباليا للاجئين وجباليا البلد والنزلة في شمال قطاع غزة، المغادرة باتجاه الجنوب. ومنذ ذلك الوقت، نزح أكثر نصف سكان شمال غزة، البالغ عددهم نحو 400 ألف شخص، ولم يبق أكثر من 100 ألف شخص في الشمال.
العدوان الإسرائيلي أدى لاستشهاد حوالي 1800 شخص و4000 جريح، فيما بلغ عدد الشهداء منذ عام في غزة، 43 ألف وأكثر من 100 ألف مصاب.
تعمد الاحتلال تدمير القطاع الطبي، منعاً من إسعاف الجرحى ولفرض حصار عليهم، فقصف الطوابق العلوية لمستشفى العودة ثلاث مرات، ما أدى إلى إصابة عدد من الطواقم الطبية. وحاصر المستشفى الإندونيسي من جميع الجهات، وقطع عنه التيار الكهربائي، وترك الجرحى دون عناية. وتعرض مستشفى كمال عدوان للاقتحام وطرد واعتقل غالبية أفراد الطاقم الطبي.
القصص التي تصل بصعوبة من شمالي غزة نتيجة منع الوسائل الاعلامية من الدخول، تدل على مدى صعوبة استمرارهم بالحياة. فلا مياه للشرب، والاستحمام مرة كل أسبوعين إن توفرت المياه غير الصالحة، وانبعاث الروائح من القمامة، أما المساعدات الغذائية لا تصل لينعكس على صحة السكان وارتفاع نسبة الامراض، ونتيجة القصف الممنهج دمرت البنية التحتية بشكل كامل، ليصبح كل مبنى يأوي نازحين مهدداً بالإبادة، مع انتشار الجثث في الطرقات وصعوبة الوصول إليها.
يسعى الاحتلال لتنفيذ “خطة الجنرالات” بالقوة على الأرض، بهدف تحويل الشمال إلى “منطقة عسكرية مغلقة” وفصلها عن الجنوب. وهو ما أشار إليه الاعلام الإسرائيلي عن الموافقة لإنشاء حاجز إسمنتي في محور صلاح الدين (فيلادلفيا).
وعلق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على ما يحدث “إن الجيش الإسرائيلي يُخضع شعباً بأكمله للقصف والحصار وخطر المجاعة”.