وسام عبد الله
لم يكن ليل مستوطنة “كريات شمونة” بشمال فلسطين المحتلة عادياً، فقد التهمت النيران مساحات واسعة من الأحراج وعدد من المنازل، بفعل ضربات حزب الله واستهدافه قوات الإحتلال الإسرائيلي فيها.
ووصل أثر “دخان الحرائق” إلى تل أبيب، لتستنفر الأحزاب السياسية خوفاً وتحذيراً من فشل القوات العسكرية بوقف هجمات المقاومة، والتي يدركون أنها ليست متعلقة فقط بجبهة إسناد لقطاع غزة، وإنما هي رسالة لما يمكن أن تكون عليه الأمور بحال اتساع رقعة الحرب، أو قرر حزب الله الدخول إلى منطقة الجليل.
وأعلنت مستشفى صفد، عن استقبالها 16 مصاباً جراء حرائق “كريات شمونة” بينهم 7 جنود إسرائيليين، كما أفادت القناة 12 الإسرائيلية أن الحرائق التهمت آلاف الدونمات بالجليل الأعلى، مشيرة أن الحجم الحقيقي للأضرار لا يزال غير معروف، فيما قدرته وحدة الإطفاء الإسرائيلية بحوالي أربعة آلاف دونم.
وقالت خدمات الإنقاذ الإسرائيلية أنه خلال الليل تم استنفار أكثر من 30 طاقم إطفاء يعملون على إخماد الحرائق، مما أدى إلى إغلاق العديد من الطرق الرئيسية في منطقة الجليل.
وبحسب هيئة “الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية”، فالحرائق بدأت منذ يوم الأحد، نتيجة استهداف المقاومة لمنطقة الجليل ومرتفعات الجولان السوري المحتل، فتسببت الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة، بحرائق التهمت 10000 دونم.
على الصعيد السياسي، قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن “الشمال يحترق ومعه أيضاً قوة الردع الإسرائيلية، وهذه حكومة بلا استراتيجية”، وقال إيتمار بن غفير إن “الحرائق في شمال إسرائيل دليل إفلاس واستمرار لسياسة الاحتواء.. وحان الوقت ليحترق لبنان”.
على مدى تاريخ الصراع مع الإحتلال الاسرائيلي، كانت مستوطنة “كريات شمونة”، هدفاً لعمليات المقاومة، فهي الواقعة على الحدود مع فلسطين المحتلة، وامتدادٌ لسهولة الحولة من الجهة اللبنانية، والتي كانت سابقاً تسمى قرية الخالصة الفلسطينية، والتي هُجّر منها أهلها عام 1949، فاستولت العصابات الصهيونية عليها، وأسكنوا فيها يهود قادمين من اليمن، لتتوسع في مرحلة لاحقة ويزداد عدد سكانها، حتى يبلغ عددهم أكثر من 22 ألف نسمة.
المستوطنة كانت هدفاً للمقاومين، من منظمة التحرير الفلسطينية إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وصولاً إلى حزب الله، حيث استُهدفت بشكل رئيسي بصواريخ كاتيوشا بدايةً، ومع تطور عمل المقاومة في حرب تموز 2006 وجبهة الإسناد عام 2023، بدأت تُستهدف بالصواريخ والمدافع المضادة للطائرات والمسيّرات الانقضاضية.
ولأول مرة منذ احتلالها، أعلنت سلطات الإحتلال إخلاء المستوطنة بشكل كامل خوفاً من هجمات حزب الله، فتعطلت كل سبل الحياة فيها، لتتحول إلى “مدينة أشباح”، كما وصفها سكان المستوطنة الذي نزحوا منها باتجاه مناطق أخرى.