وسام عبد الله
“نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام”، وردت هذه الكلمات في “نبوءة أشعيا” بالعهد القديم واستخدامها رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو في توصيفه للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. فالخطاب الدين رافق مسار الكيان الإسرائيلي، ومبرراً لجرائمه وسلوكه العنصري اتجاه الفلسطينيين والعرب.
صدرت تصريحات من سياسيين اسرائيليين، تنطلق من الافكار الدينية الموروثة التي تعتبر اليهود “شعب الله المختار”، فقال زير الدفاع يوآف غالانت “نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقاً لذلك”، أما الحاخام مانيس فريدمان، فدعا بطريقته اليهودية قائلا “دمّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم”.
يهدف الخطاب الديني بشكل عام وتحديدا في الحرب الأخيرة على غزة، إلى توظيف التقاليد اليهودية لخدم سياسة نتنياهو وحكومته، عبر إعطاء الحرب بعد “ديني مقدس”، وإرضاء اليمين المتطرف، وتبرير الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الفلسطينيين.
ورد في كتاب (اليهود واليهودية: ثلاثة آلاف عام من الخطايا)، للكتاب اليهودي إسرائيل شاحاك، وصفا لكيفية تعاطي الحاخامات مع الحرب وتقديمهم تبريرات لجيش الإحتلال لقتل المدنيين، “عندما تلتقي قواتنا بمدنيين خلال الحرب أو خلال ملاحقة ساخنة أو غزو، ولم يكن مؤكداً أن أولئك المدنيين غير قادرين على إيذاء قواتنا، فوفق أحكام الشريعة اليهودية، يمكن، لا بل يجب قتلهم، والثقة بعربي غير جائزة في أي ظرف، حتى إذا أعطى انطباعا بأنه متحضر”.
استثمرت الصهيونية الأفكار الدينية لخدمة مشروعها الاستعماري في فلسطين، وحتى مع وجود أحزاب “علمانية” في اسرائيل، إلا أنها تبقى في جوهرها لا تستطيع السير بعيدا عن التوجهات الدينية، خاصة مع تصاعد حضور المجموعات الدينية المتطرفة مثل الحريديين.
كل الحروب بالنسبة للإحتلال، تصنف بأنها حروب مقدسة، فحرب 1967، اعتبرت “معجزة إلهية”، وتم تمجيد الجيش الاسرائيلي وتقديسه، حتى وصل الأمر إلى اعتبار الأسلحة أداة إلهية.
عملت المجموعات الدينية خلال السنوات الماضية على إغراق الكيان الاسرائيلي بالتديّن، أكثر مما هو فيه، فدخلوا بالجيش والتعليم ووجهوا سياسة التوسع ببناء المستوطنات، وحاولوا توظيف الاقتصاد والعلاقات الخارجية لتوسيع أفكارهم الدينية.
كل الخطاب الديني – السياسي، وظيفته الوحيدة هو الدعوة لإقامة دولة يهودية، وقد تصاعدت حدة هذا التيار بعد الانتخابات البرلمانية عام 2022، وازدياد عدد النواب المتطرفين في الكنيست والحكومة، والذين خاض بعضهم الانتخابات ضمن قائمة “الصهيونية الدينية”، ومنهم بتسلئيل سموتريتش وزير المالية، وإيتمار بن غفير وزير الامن القومي، وتصريحاتهم منذ الحرب على غزة، تشهد بالافكار العنصرية التي يحملونها، والتي تمثل المستقبل الذي يتجه إليه الكيان في تطرفة الديني.