أعاد السيد حسن نصر الله في خطابه قبل أيام بتأكيد ما ذكره سنة 2012 في خطاب له، بقدرة المقاومة على استهداف كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة، من كريات شمونة شمالا إلى إيلات جنوبا، ليفرض المعادلة المستمرة منذ حرب تموز 2006 حول استهداف المدن، بكلمته الشهيرة ” حيفا وما بعدها “.
في تاريخ المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان، محطات عديدة، عملت فيها الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية على تنفيذ مهمات قتالية للدخول إلى شمال فلسطين، واستهداف المستوطنات بالصواريخ.
فشهد نيسان 1979 تنفيذ عملية “نهاريا”، حين انطلق الشهيد سمير القنطار مع مجموعة من جبهة التحرير الفلسطينية، بزورق مطاطي من جنوب لبنان إلى مدينة نهاريا الساحلية في الشمال، والتي أدت على إثرها لأسر القنطار من قبل قوات الاحتلال.
وفي تموز 1982 نفذت مجموعة مشتركة من الجبهة الشعبية الشعبية لتحرير فلسطين والحزب السوري القومي الاجتماعي، عملية عسكرية عبر زورق مطاطي للوصول إلى مستوطنة نهاريا، ليشتبكوا مع قوات الاحتلال المتواجدة في موقعها العسكري.
ومع تطور القدرات الصاروخية لدى حزب الله، أصبحت معادلة “المدينة بالمدينة “، أحد القواعد العسكرية التي تشكل حالة ردع من جهة وقوة هجومية من جهة ثانية، خاصة وأن السيد نصر الله، يذكر في خطابته المدن الحساسة لدى كيان الاحتلال.
فمدينة حيفا الواقع على البحر المتوسط، تضم ثاني أكبر مصفاة للنفط، والمرفأ الشهير الذي تسعى “اسرائيل” ليكون منافسا لمرفأ بيروت، مما يجعلها مركزا اقتصاديا مهما. ومن الناحية العسكرية، تعتبر حيفا منطلقا للقطع البحرية التابع لجيش الاحتلال،
وإلى الشرق من المدينة، تقع قاعد “بولونيوم” للأسلحة البحرية وتحتوي على صواريخ برؤوس نووية، والتي تعتبر مركزا لقيادة الغواصات.
أما بالنسبة إلى إيلات جنوبا، فهي بوابة الكيان باتجاه البحر الأحمر، ونقطة جغرافية قريبة بين مصر والسعودية، ويشكل المرفأ مصدرا أساسيا لدخول السلع وتصديرها، وخاصة في سعي الاحتلال لتطويره بشكل مستمر ليكون منافسا لقناة السويس المصرية، وتعتبر إيلات مقصدا سياحا هاما، حيث تشير الأرقام إلى تسجيل حوالي مليون زائر في السنة.
قرابة 600 كيلو متر، تقدر المسافة بين لبنان وجنوب فلسطين، وهي دليل على امتلاك حزب الله قدرات صاروخية بعيدة المدى، والتي لم تدخلها المقاومة، حتى الآن، في عمليات ضد الاحتلال، وإنما تكتفي باستخدام الصواريخ والمسيّرات التي تحققت أصابات دقيقة لتعطي رسالة عسكرية، بالإمكانيات المتوفرة لديها، وبان ما يعلنه نصر الله ليس حرباً نفسية فقط، وهو ما تدركه معاهد ومراكز الابحاث الامنية الاسرائيلية التي تدرس بشكل متواصل القدرات العسكرية لدى المقاومة، وتحذر من قوتها التدميرية.