وسام عبد الله
على الرغم من خدمتهم في جيش الاحتلال، وقتالهم إلى جانبه لعقود طويلة، ظل الدروز في فلسطين المحتلة بالنسبة للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مواطنين درجة ثانية، مما شكل لديهم حالة إحباط ازدادت خلال السنوات الماضية وصولا إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
يتوزع الدروز بشكل أساسي في مناطق شمال فلسطين، بجبل الكرمل والجليل ومرتفعات الجولان، كامتداد جغرافي لمناطق تواجدهم في جنوب سوريا وجبل لبنان، ويقدر عددهم في فلسطين بحوالي 150 ألف نسمة، تشكل 2 بالمئة من إجمالي سكان كيان الاحتلال.
وبدأ تجنيد الدروز في جيش الإحتلال منذ عام 1957، ممن تزيد أعمارهم عن 18 عاما، ويشغلون مناصب قيادية في المؤسسة العسكرية والأمنية الاسرائيلية، ويقدر عددهم في الجيش الإسرائيلي بنحو 85% من نسبة الشباب الدرزي، وخلال الحروب العديدة قتل منهم حوالي 400 مجنّد أثناء خدمتهم العسكرية. ومنذ تشرين الاول 2023، ومع بدأ الحرب على غزة، يقدر عدد الجنود الدروز الذين قتلوا نحو 10 قتلى موزعين على جبهات غزة وجنوب لبنان، ومنهم اثنين برتبة مقدم.
شهدت السنوات الأخيرة تنامي ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، لأسباب عديدة تتعلق بالقرارات الحكومية والمواقف التي يتعرضون لها من قبل الضباط الاسرائيليين، بحيث يلجأ بعض الشباب الدرزي ليكون شيخاً كون هذه الفئة تُعفى من الخدمة في المؤسسة العسكرية.
ويقيّض القانون الشباب الدرزي بحريته في بناء المنزل بحالة زواجه، ويتعرضون لإهانات ومعاملة عنصرية من قبل الجنود داخل جيش الاحتلال، فهم لا يزال ينظر إليهم بأنهم عرب فلسطينيين وليسوا جزء من الكيان.
ومع صدور قانون “الدولة القومية” عام 2018، الذي يكرّس يهودية الدولة، ويشكل حالة عنصرية بإبعاد لكل فئة اجتماعية أخرى، من الدروز والشركس وغيرهم، ما ينفي عنهم كل الحقوق ويثبّت بأنهم غير مواطنين لعدم حصولهم على حقوقهم.
وعلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي، فقد صدرت قوانين تعطي لاسرائيل نفسها الحق في مصادرة الأراضية الزراعية في مرتفعات الجولان لبناء مزرعة لتوربينات الرياح، وهدم الممتلكات وفرض الغرامات.
وتوجه الشيخ موفق طريف، شيخ عقل الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة، برسالة إلى نتنياهو “حان الوقت للحكومة والكنيست لتعديل قانون الدولة القومية”، وطالب فيها “بضرورة ترخيص كل البناء غير المرخص، وإبطال جميع الغرامات المالية الباهظة جداً، التي فرضت على أفراد من المجتمع بسبب البناء غير المرخص.. وإيصال الكهرباء إلى كل المنازل غير الموصولة بالشبكة، بسبب غياب الرخص اللازمة للأبنية المشيدة”.
لكن الرد الاسرائيلي كان غير واضح ولا يلبي هذه المطالب، فاكتف نتنياهو بالقول ” سنقدم لهم كل ما يستحقونه. سنجد الطرق للقيام بذلك، ومن الضروري”.
وفي اليوم التالي للحرب على غزة، كتب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط رسالة قال فيها “إلى المجندين قهراً من العرب الدروز في الجيش الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.. إياكم الاشتراك في الحرب في مواجهة المناضلين من حماس ومن الشعب الفلسطيني”.