وسام عبد الله
كيف يمكن لأوروبا أن تخرج من العباءة الأميركية، والقواعد العسكرية منتشرة على أراضيها، إضافة للدور الأساسي لواشنطن ضمن حلف الناتو؟، فالأمنيات التي طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ سنوات بإنشاء جيش أوروبي مستقل، لا تبدو أي ملامح لها، وخاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الأمنية على القارة.
وفي آخر خطواتها العسكرية، افتتحت أميركا قاعدة دفاع صاروخية جديدة في شمال بولندا في بلدة ريدزيكوفو قرب ساحل بحر البلطيق، في إطار درع صاروخية أوسع نطاقا لحلف شمال الأطلسي يطلق عليها اسم (إيجيس آشور)، القادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى، وهو ضمن شبكة الدرع الصاروخية الأميركية التي تبنيها واشنطن في مناطق جغرافية مختلفة لاسقاط الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تستهدفها أو تستهدف حلفائها.
تمتلك أميركا في العالم نحو 800 قاعدة عسكرية خارج أراضيها، منها 50 داخل أوروبا، بتعداد 70 ألف جندي أميركي بشكل دائم.
التواجد في القارة الاوروبية يعود لحقبة الحرب الباردة، حيث تمركزت في أوروبا الغربية لمواجهة الاتحاد السوفيتي السابق، ولهذا تعتبر القواعد الأساسية منتشرة في الغرب أكثر. في ألمانيا 21 قاعدة تشمل كافة أنواع الأسلحة والاختصاصات، وهي مقر القيادة الأوروبية الموحدة للجيش الأميركي في شتوتغارت، والمقر الرئيسي لعمليات القوات الجوية الأوروبية في قاعدة رامشتاين الجوية.
في بريطانيا 13 قاعدة أغلبها جوية وتستقبل قاذفات استراتيجية، تليها إيطاليا التي تضم عدداً من القواعد التي هي في أغلبها بحرية، وفي اسبانيا قاعدتان بحريتان وواحدة في البرتغال، وواحدة في جزيرة كريت اليونانية.
أما في أوروبا الشرقية تنتشر بجانب حلف الناتو، ولديها مجموعات قتالية متعددة الجنسيات في بلغاريا، إستونيا، المجر، لاتفيا، ليتوانيا، بولندا، رومانيا، وسلوفاكيا. وبعد اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية، سعت أميركا لتعزيز تواجدها في دول ساحل بحر البلطيق ضمن إطار حلف الناتو، نتيجة قربها الجغرافي من روسيا.
لا تملك حاليا الدول الأوروبية القدرة على تأسيس جيش مستقل، فهي مرتبطة بالعمليات العسكرية في حلف الناتو، والذي يعتمد بشكل أساسي على التمويل الأميركي، والذي كان يلوح به دائما الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، بأن بلاده تدفع أكثر لقاء حماية أوروبا.
لا تملك كل الدول ذات القوة العسكرية، حيث تعتبر ألمانيا وفرنسا أكثرها قوة، وإن كان هناك مشروع لتقوية جيش اوروبي فهي ستكون أساسه، فهل تملك برلين الرغبة أو القدرة على إعطاء جدول زمني لفك الارتباط بالقواعد الأميركية الأكبر على أرضها؟. إضافة أن العديد من الدول ما بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت خارج المشهد العسكري المباشر، وتحديدا الدول الاسكندنافية مثل السويد، إلا أن تطورات الحرب الروسية جعلتها تعود مرة أخرى، طواعية أو مرغمة، نتيجة الهيمنة والسلطة التي تملكها بعض الدول وأهمها أميركا، حيث أعلنت انضمامها إلى الناتو العام الحالي، فلم تعد لديها القدرة أن تبقى على الحياد