وسام عبد الله
يعيش المجتمع السوري تجربة لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، وهي مرحلة انتقالية من حالة سياسية واجتماعية إلى آخرى، لم توضح معالمها بعد، إنما ما تزال في مرحلة الصدمة والتحضير والتساؤلات، مع مشاعر مشتركة من الحذر والأمل، وكون “الطبيعة تكره الفراغ”، فمن يملأ المرحلة المقبلة في سوريا؟.
أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال محمد البشير عن تكليفه من قبل القيادة العسكرية لـ”هيئة تحرير الشام”، برئاسة “الحكومة الانقاذية”، والتي تشكلت من 11 وزيرا كانوا يشغلون “حكومة” إدلب، التي يسطيرون عليها، وأعلن أن شهر آذار هو الموعد النهائي لاستمرارها.
قُبلت الخطوة بعدد من الملاحظات، كونها لا تضم نساء ومن لون واحد تمثله “الهيئة”، كما انتقدت لعدم وجود معارضين من خارجها أو أحد الطوائف الأخرى، مما أثار حذرا وخوف لدى الناس أن تكون أمام تجربة مشابهة لحكومة الحزب الواحد كما في عهد “البعث”، وأن خبرتها بإدارة محافظة واحدة يختلف عن إدارة بلد كامل.
ما أثار الخوف أكثر، وجود علم أبيض كتب عليه شعار ديني إسلامي، رفع بالقرب من العلم السوري الجديد، لتنتشر دعوات لإزالته كونه لا يمثل مبادئ “الثورة السورية” ولا يعبر عن كل أطياف المجتمع.
البعض اعتبر أن ما يحصل أمراً طبيعياً، بل كان متوقعا أن يكون أسوء، فحاليا لا يوجد جسم معارض موحد يمكنه الحوار مع الهيئة، إنما نشطاء منتشرين في الخارج، وطريقة هروب الرئيس السابق بشار الاسد وتركه البلاد دون إدارة انتقالية، وضعهم أمام استحقاق أمني يتطلب المعالجة السريعة.
الكل يدرك أن تقاطعا خارجيا سرّع بسقوط النظام، وهو بتلاقي تركي روسي إيراني بالدرجة الاولى، وبمعرفة أميركية حكما، فاستمرار تدّخل تلك الدول أمر “طبيعي” في المقبل من الحياة السياسية وشكل الدولة في المستقبل، وليس في الشهور المقبلة.
هل نكون أمام دولة مركزية واحدة، أم نذهب نحو فدرالية تتقاسم فيها الدول الخارجية النفوذ؟، هل سيكون لها طابع إسلامي أم مدني؟. في الفترة الانتقالية، من سيحدد نصوص الدستور وروحه، هل تلتزم الاطراف بالقرار الدولي 2254، أم سيتم تجاوزه؟.
في الساعات التي تلت سقوط النظام، بدأت التصريحات الدولية التي تطالب بحفظ حقوق الاقليات، وهو ما قد يشكل ذريعة للتدخل أكثر في الشؤون الداخلية السورية، بحجة حماية الطوائف، وهو ما يتطلب وضوحا في الدستور والقوانين، من ناحية الحقوق والواجبات، حتى تعطي راحة وثقة لكافة مكونات المجتمع السوري.
ما مصير الاحزاب السابقة، والموجودة في سوريا من قبل حكم الأسد، مثل الشيوعي والسوري القومي الاجتماعي، وحتى البعث، هل ستستمر بنشاطها السياسي، ما المراجعة التي ستقوم بها والخطوات المقبلة. وهل سيتم العمل وفق قانون الاحزاب الموجود حاليا، أما نتجه نحو قانون جديد يمنح للاحزاب الدينية الحق بالعمل؟.