وسام عبد الله
تشكل العمليات المنفردة التي ينفذها فلسطينيون من داخل الأراضي المحتلة، هاجسا لدى حكومة الاحتلال ومستوطنيه، كونها تأتي مفاجأة ودون تحضير وبقلب الأحياء والطرقات السكنية. واستمرت العمليات خلال السنوات الماضية، وإن بشكل متقطع، باستخدام السلاح الأبيض والاسلحة النارية الفردية.
وسُجلت العديد من العمليات التي أدت لمقتل وجرح العشرات من المستوطنين، ففي النصف الأول من سنة 2022، نفذت ثمانية عمليات أدت لمقتل 17 اسرائيليا، وفي أيلول 2023 شهدت عملية طعن في منطقة باب الخليل بالقدس، وآخرها كان يوم أمس الخميس بهجوم مسلح استهدف جنوداً قرب مستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس.
تعتبر العمليات المنفردة من أكثر الإشكاليات التي تواجه الاحتلال ومن أهمها بالنسبة لمقاومة الشعب الفلسطيني. فهي لا تحتاج إلى هيكل تنظيمي وسلطة اتخاذ قرار، كما هي الحال في الفصائل الفلسطينية، وهذا ما يجعل منفذيها مجهولي الهوية إلى حين تنفيذ تحركهم، مما يسهل عليهم سرعة العمل. وعدم وجود هيكل للعمليات، يصعب الأمر على الأجهزة الامنية الاسرائيلية لضبطها واحتوائها، فحتى مع نشرهم الحواجز بشكل مكثف على مداخل القرى والمستوطنات، استمرت القدرة لدى المقاومين على التسلل.
كما تحمل هذه العمليات رمزية ورسالة عامة، أن خيار المقاومة لدى الشعب الفلسطيني وخاصة في الضفة الغربية وأراضي 48، مازال مستمر بعكس محاولات الاحتلال بطمسها ومنع ظهورها، إضافة أن المنفذ لا يحمل أجندة سياسية أو شخصية، وإنما هدفه الواضح هو المقاومة وإنهاك الاحتلال. وكلما زاد القمع وتوزيع السلاح، على طريقة وزير الامن القومي إيتمار بن غفير، سترتفع وتيرة العمليات، وهو ما قد تشهده الأراضي المحتلة خلال شهر رمضان المقبل في حال الضغط على منع وصول المصلين إلى المسجد الاقصى.
يدرك منفذ العملية أن احتمال استشهاده ورادٌ أكثر من عودته سالما، وهو ما يعطي لهذه العمليات صفة “الفدائية”، وإن كانت لكل العمليات أهميتها، يبقى ما يتم تنفيذه في قلب المدن الرئيسية مثل تل أبيب، أثره الأكبر على الداخل، حيث من المفترض أن تكون بعيدة عن أيّ استهداف ومحمية، لتأتي الضربات في عمقها.
يسعى الاحتلال لمحاولة ضبط هذه الهجمات، من خلال الاعتقالات التعسفية والإعدامات الميدانية، وتدمير منازل منفذي الهجمات، ونشر كتائب عسكرية على مداخل المستوطنات والرفع من جهوزية الحواجز الأمنية.