وسام عبد الله
تصاعد الحضور الصيني في العالم العربي خلال السنوات الماضية، وخاصة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية، مما دفعها لتتقدم خطوات لتكون مؤثرة في صراعات المنطقة السياسية، على الرغم من عدم تواجدها عسكرياً كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية عن قيام كل من رؤوساء دول مصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وتونس، بزيارات “دولة للصين”، من 28 أيار إلى 1 حزيران، والمشاركة في افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، حيث تحل هذا العام الذكرى العشرين لتأسيسه.
تسعى بكين لبناء علاقات استراتيجية مع مختلف الدول العربية، انطلاقاً من نظرتها السياسية – الاقتصادية، التي تعرف باسم مبادرة “الحزام والطريق”، والتي يشكل العالم العربي والإقليم المشرقي تحديدا جزءًا أساسياً منها، وهو ما يفسر الاهتمام الصيني بالقضايا العربية،مثل القضية الفلسطينية والحرب على سوريا. إضافة إلى دورها في بناء التفاهمات والمصالحات والتي كان أبرزها عودة العلاقات السعودية الإيرانية برعاية صينية.
وعبّرت الصين عن موقفها اتجاه الحرب الأخيرة على قطاع غزة، فدعت إلى وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وتأمين المساعدات الإنسانية لهم، وأكدت على ضرورة إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية عبر دعوتها إلى تحقيق “حل الدولتين”، كما جمعت بكين في شهر نيسان الماضي كل من حركتي فتح وحماس، للمساهمة في معالجة الإنقسام الفلسطيني.
عملت الدول العربية والصين على توسيع التعاون والتبادل التجاري، فاستوردت الصين 265 مليون طن من النفط الخام منها عام 2023، الذي يشكل 47 بالمائة من وارداتها الإجمالية من النفط الخام، وبلغ حجم التبادل التجاري 400 مليار دولار أميركي وكانت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية خلال الربع الأول من 2023، كما ازداد التعاون في مجال البنية التحتية مثل استاد “لوسيل” الملعب الرئيسي لكأس العالم في قطر، واتفاقيات التنقيب والتطوير في قطاع النفط والغاز مع العراق.
لا يمكن فصل الحضور الصيني في العالم العربي عن الصراع مع أميركا، فهي تدخل في منطقة كانت تصنف لعقود طويلة بأنها تحت سلطة وسيطرة واشنطن، لكن بكين اختارت التمدد فيها بعيداً عن العسكر، وإنما عبر الاقتصاد، وهو ما أعطى للدول العربية خيارات أخرى يمكنهم الإعتماد عليها بدل الخيار الغربي الواحد.