وسام عبد الله
منذ أكثر من نصف قرن، غابت الحياة السياسية عن المجتمع السوري، فكان حزب البعث هو الحاكم، ومعه أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، إلا أن الحراك والتنافس بين الاحزاب لم يكن موجودا، فلم يختبر الشباب العمل الحزبي إنما الاكتفاء بنشاطات مدنية ضمن إطار محدد.
غياب العمل السياسي، جعل الشباب اليوم في حالة ضياع بكيفية التعامل مع الواقع الحالي، فهم اعتادوا أن من يمثلهم يتم فرضه عليهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بينما الان المطلوب منهم أن يختاروا ويقرروا من يمثل صوتهم في اللقاءات مع “هيئة تحرير الشام”، والتي بدورها لا تمثل السلطة الفعلية، إنما مهمتها الاساسية إدارة الفترة الانتقالية، فلا يمكن التعامل معها كما كان الحال في زمن البعث.
الانكفاء لدى الاعمار الشابة، نتيجة غياب الخيارات الحزبية، أدى إلى ابتعادهم عن الاهتمام بالشأن العام، وهو ما يظهر بشكل واضح في المشاركة بانتخابات مجلس الشعب والمحافظات والبلديات، فكانت نسبة التصويت منخفضة، وهو ما يتطلب إعادة توعية بأهمية دورهم في المؤسسات التي تعنى بحياتهم اليومية، ليكونوا شركاء في القرار.
الحياة السياسية تعني وجود أحزاب، وهو ما يتطلب قانونا، وضع في النظام السابق، لكن دون فاعلية، وهو ما يحتم من الهيئات الرسمية المقبلة، وليست الحكومة الانقاذية الحالية، أن يتم صونه بالدستور والتشريعات، حتى تتوضح آلية عمل الأحزاب وقدرتها على التغيير من قلب مجلس الشعب.
وهنا يبرز دور المغتربين، وخاصة ممن خضع لدورات تدريبية حول العمل السياسي والدعاية وكيفية إدارة المجتمع والمؤسسات، فهم قد يملكون خبرة تساعد من هم في الداخل على الانطلاق بمؤسسات حزبية مختلفة. والسؤال عن الاحزاب التقليدية والتاريخية في سوريا، كيف ستعيد ترتيب وضعها الداخلي وتقديم نفسها بما تمثله حقيقة، ما يتطلب ربما، ثورة من الاحزاب على نفسها. والاستفادة من التجربة العراقية مهم، كون حل حزب البعث العراقي، بطريقة غير مدروسة، أدى لتوجه عناصره ليكونوا جزءا من تنظيم “داعش”.
تمكّن المجتمع السوري من صياغة حياة سياسية ليس مرتبطا بفترة معينة، إنما عمل مستمر تفاعلي لسنين طويلة، فلا يجب الحكم على التجربة في سنوات قليلة، هو انتقال من حالة فكرية وذهنية إلى أخرى، ليكون لها فعل على الارض، وهو ما شهدناه من رفع صور أحمد الشرع على السيارات، كما كان مؤيدوا الأسد يرفعون صوره سابقا.