وسام عبد الله
تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان يمتاز بالعديد من الأحداث المثيرة والمنافسات الشديدة بين المرشحين، حيث تتسم هذه الانتخابات بالتعقيد السياسي، المتصل بالتدخل الخارجي المباشر منذ الاستقلال حتى المرحلة الحالية، ولكل رئيس كل له مسار مختلف في وصوله وحكمه.
وفي معظم الفترات لم يكن هناك منافسة بين المرشحين، إنما الخارج كان يفرض مرشحه أو يضغط عليه بتقاطع مع المصالح الداخلية، حيث كان هناك طرفان غربي وعربي يتحكم بتوجيه أرجحية المرشح. في مرحلة الاستقلال كان لفرنسا الدور الابرز، في فترة الخمسينيات كان دور مصر مؤثرا مع المد الناصري (جمال عبد الناصر)، والتأثير الاميركي المستمر في الضغط الاقتصادي والعسكري، ومع الوجود السوري والتنسيق مع السعودية دور التسعينيات. وفي هذه المرحلة نشهد حركة أميركية – سعودية – قطرية في الداخل اللبناني مع جولات اللجنة الخماسية الدائمة على السياسيين.
أول رئيس بعد الاستقلال عن فرنسا كان بشارة الخوري، وكان له دور كبير في تعزيز وحدة لبنان السياسية وإلغاء بنود الانتداب الفرنسي من الدستور، ولكنه أراد تعديل الدستور لتمديد ولايته، فاندلعت ثورة 1958، وكان الجيش الأمريكي قد تدخل في لبنان بناءً على طلب الحكومة اللبنانية. بعد تصاعد الأزمة، واستمرار المعارضة الشعبية والعسكرية، تم إجبار بشارة الخوري على الاستقالة في أيلول 1958.
انتخب كميل شمعون (1952-1958)، بعد استقالة بشارة الخوري، وكان له دور كبير في السياسة اللبنانية في فترة الحرب الباردة وعلاقاته مع الغرب، خصوصًا مع حلف بغداد، واتسم عهده بتفدق رؤوس الاموال المصرية والسورية نتيجة الوحدة بين سوريا ومصر وعملية التأميم، وحضور المال الفلسطيني مع ازدياد حركة اللاجئين.
تولى فؤاد شهاب (1958-1964)، الرئاسة ووصفت فترته بـ “العهد الشهابي”، حيث سعى إلى إرساء الاستقرار في البلاد وإصلاح النظام السياسي، بما في ذلك قانون الانتخابات الشهير “قانون الستين” الذي اعتمد على القضاء دائرة انتخابية.
انتخب شارل الحلو رئيسا (1964-1970) بعد منافسة مع ريمون إده، حيث استمر في النهج الشهابي، وكان يواجه تحديات اقتصادية وإقليمية، أبرزها أزمة بنك إنترا وصراع سياسي داخلي مع توقيع اتفاق القاهرة عام 1969، وهو اتفاق سياسي بين القيادة الفلسطينية والحكومة اللبنانية، وكان الهدف من الاتفاق تنظيم وجود الفلسطينيين في لبنان.
اما المنافسة الاهم كانت مع فوز سليمان فرنجية (1970-1976) بالرئاسة، بعد فوزه على الياس سركيس بفارق صوت واحد (50 – 49)، والتي تعتبر المنافسة الوحيدة بين مرشحين، وشهد نهاية عهده اشتعال الحرب الأهلية.
عاد إلياس سركيس (1976-1982) وفاز بالانتخابات الرئاسية، وشهدت فترة ولايته الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للبنان، بما في ذلك غزو 1982 الذي أدى إلى احتلال بيروت.
والانتخاب الأكثر جدلية كان مع وصول بشير الجميل (1982)، للرئاسة حيث يتهمه معارضوه أنه حقق فوزه مدعوما من الاحتلال الإسرائيلي. واغتيال بعد أسابيع من انتخابه حال دون تسلمه السلطة.
تسلم أمين الجميل (1982-1988) الرئاسة بعد اغتيال شقيقه بشير، وشهدت فترة ولايته اتفاقات مع إسرائيل والحروب الداخلية التي أعقبتها، وانتهت في فترة الشغور الرئاسي بسبب عدم التوافق.
بعد توقيف اتفاق الطائف انتخب رينيه معوض (1989) رئيسًا ولكن اغتيل بعد 17 يومًا من توليه المنصب.
ليتولى إلياس الهراوي (1989-1998) الرئاسة وعاصر مرحلة إعادة الإعمار بعد الحرب الأهلية، بغطاء سوري – سعودي.
ثم أصبح قائد الجيش إميل لحود (1998-2007) رئيسا، وشهدت فترة ولايته العديد من الأحداث السياسية المهمة مثل تحرير جنوب لبنان واغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري.
بعد الشغور الرئاسي واتفاق الدوحة، انتخب ميشال سليمان (2008-2014) وشهد عهده فترات استقرار وتقارب عربي ثم دخل في أزمة مع اشتداد الحرب في سوريا.
وآخرهم ميشال عون (2016-2022) تولى الرئاسة بعد فترة شغور رئاسي دام حوالي سنتين، في منافسة مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وقد استطاع عون الحصول على توافق بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل واتسم عهده بعدة أزمات اقتصادية وأمنية.