وسام عبد الله
شرّع الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب الجرائم على مستوى العالم، دون محاسبة أو رادع، باستخدم كل الأدوات التي يمتلكها البشر لارتكاب عدوانه، وكان آخرها توظيف الأمن السيبراني والتكنولوجيا في عدوانه على اللبنانيين.
عدة نظريات عن استخدام “إسرائيل” لأجهزة الاتصال في عدوانه على حامليها في لبنان، إن كان عبر رسائل مشفرة أو تفخيخ الاجهزة بمواد حارقة من مصدر التصنيع، وفي كل السيناريوهات تبقى النتيجة واحدة، أن هناك جهة تمتلك القدرة على الوصول لتفاصيل حياتنا اليومية، وإلحاق الاذى بنا دون رقيب، فما الذي يمنع الاحتلال أن يعاود الامر مرة أخرى مستقبلا، وبشكل محدود في عدد الاصابات؟.
هذا الحدث، يطرح تساؤلات عن سلطة شركات التكنولوجيا والتصنيع والدول الكبرى، على السيطرة عليها وتوظيفها لغايات التجسس وعمليات الاغتيال. وهنا نحدد الدول المنتجة لا المستهلكة، التي لا تملك المختبرات والأدوات اللازمة لمواجهة هذه التقنيات، بسبب حصر تلك الحكومات البيانات والاجهزة ضمن نطاقها الخاص.
وقد كشفت كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، أن شركة استشارية مقرها المجر تُدعى “BAC Consulting”، التي قامت بتصنيع أجهزة البيجر التي انفجرت في لبنان، هي في الواقع واجهة لشركة إسرائيلية وهمية. وإن صحة الرواية الصحفية أو لا، فهي تلمح إلى إمكانية انتشار هذا النوع من الشركات على مستوى العالم، والعمل لا يكون وليدة أشهر، وإنما سنوات من التحضير والتجهيز لاعطاء “شرعية” لتلك المصانع المؤقتة.
مع عدم محاسبة الاحتلال طوال العقود الماضية على جرائمها، وصمت العالم منذ عدوانها الاخير على غزة والضفة الغربية ولبنان، تكون كل دولة أخذت مبررا لها لعدم ملاحقتها بحال ارتكابها جريمة بحق الشعوب، وإن كان الحديث حول التكنولوجيا، فهي فتحت حربا، كانت موجودة بين الشركات، ولكن بقتل المدنيين، أصبحت بين المجتمعات.
فمن يمتلك القدرة على مراقبة المنتجات المستوردة من الخارج، كيف يمكن التأكد من سلامتها، ومن يمنع استخدامها كقنبلة متفجرة بين أيدينا؟. فكان التحذير سابقا من سرقة البيانات الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني والبصمة الصوتية، فتم تحويل هذه المعلومات إلى أهداف قتل وملاحقة جسدية.
فهل دخلنا بشكل علني، في حرب الاستحواذ على الشرائح والاجهزة والرقائق الالكترونية، ليصبح خوض الحروب البرية الخيار الاخير، إن كان بإمكان الجيش أو مجموعة مقاتلة، الحصول على الذكاء الاصطناعي اللازم، لتفجير الخصم المقابل دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة.