وسام عبد الله
قد يكون الحديث عن منع “اتساع رقعة الحرب” أصبح وراءنا، فالعدوان الإسرائيلي كشف عن رغبته الحقيقية في تحقيق حلمه بإنشاء “إسرائيل الكبرى”، وهو يشير أن المواجهة الحالية انتقلت إلى مرحلة تهدد كافة الدول التي تقع ضمن خارطتها المزعومة.
يشكل جنوب لبنان والبقاع خط المواجهة والدفاع الأول لمنع تحقيق هذا المشروع، فالخطة الإسرائيلية ليست الوصول إلى نهر الليطاني لنزع سلاح حزب الله، إنما التمدد بالقرب من الحدود السورية على مقربة من العاصمة السورية دمشق، من اتجاه الجولان المحتل والبقاع الشرقي. وقصف الحدود وتدمير المعابر هدفه أيضا الضغط على سوريا اقتصاديا واجتماعيا. وكلما ازداد أمد الحرب سيرتفع عدد النازحين، حينها سيزداد عددهم نحو الداخل السوري، في مرحلة تعيش البلاد ضغوط اقتصادية ومالية صعبة. وهو ما بدأت تتهيء له بعض المنظمات الدولية في دمشق، من خلال الاستعدادات لاستقبال أعداد أكبر من النازحين.
سوريا الهدف المقبل من الحرب، التي تحتلها قوات أميركية في الشرق والتي تموّل وتدعم مجموعات كرديّة، تسعى للإنفصال عن الحكومة المركزية في دمشق، وهو ما لا تؤيده تركيا التي تخشى أن ينتقل التقسيم إلى داخل أراضيها، كونها ستؤدي إلى اتصال مع كردستان العراق. كما هو الحال مع روسيا، التي تتواجد قواتها على الساحل السوري، حيث تحذر موسكو “إسرائيل” من خطورة العمليات العسكرية الموسعة في المنطقة.
الرفض الإسرائيلي لإقامة دولة فلسطينية، يؤكد أن لا حلا يريده الاحتلال ولا أميركا في المنطقة، وما يحدث الآن قد يكون “فرصة”، بحسب رأيهم، لتغيير موازين القوى وفرض المشروع الغربي في المنطقة. وكتب ديفيد بن غوريون في بدايات القرن الماضي”دعونا نأمل في حرب جديدة مع الدول العربية، حتى نتخلص أخيرا من مشاكلنا ونكسب المساحة التي نريدها”.
الحلم الإسرائيلي ليس مقتصرا على الميدان العسكري، فالحصار الاقتصادي يضعف الدول من الداخل مما يؤدي إلى فرض الغرب شروطه عليها، ودعم المجموعات المسلحة والحروب الأهلية، واستثمار التكنولوجيا لأغراض أمنية وتجسسية، كلها عوامل توظف بخدمة مشروعهم.
وبحسب الخريطة، وتصريحاتهم الرسمية، فإن دمشق وبغداد وعمان والقاهرة وبيروت والرياض، في دائرة الاستهداف، وهي دول الطوق حول الأراضي الفلسطينية. والاحتلال منذ عقود يتبع سياسة “خطوة بخطوة” لمحاولة تحقيق أهدافه، من الاستيطان والتهجير والتدمير، ثم التوسع والاحتلال واخضاع الدول لشروطه. وتحرير جنوب لبنان عام 2000 وتموز 2006، كان لها الأثر الأهم والأكبر بمنع تحقيق مشروعهم، وما بدأ منذ عام في حرب الإبادة على غزة ولبنان، هو محاولة متجددة لإيحاء هذا الحلم.