وسام عبد الله
مع إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، تكون البلاد طوت أصعب المراحل في تاريخها، لتدخل في مرحلة جديدة، تضع الشعب والمؤسسات اللبنانية أمام تحديات عديدة، تحمل فرص ومخاطر في حال عدم الاستفادة منها.
مشهد عودة النازحين في ساعات الصباح الأولى، وما حملته من مشاعر وجدانية وتعبيرا عن ارتباطهم بأرضهم ومنازلهم التي تضررت جراء العدوان الإسرائيلي، يطرح في أول المهام وأبرزها، ملف إعادة الاعمار.
لا تزال الارقام متضاربة، لعدم وجود مسح شامل، حول كلفة الخسائر وما يلزم لإعادة البناء والترميم والتعويض، ومع اكتمال المعطيات يتبين مدى الحاجة من أموال للبدء بها، وهو ما قد يشكل عامل ضغط مالي، كون إعادة الاعمار سيكون عبر دول عربية وأجنبية، لتأمين الاموال قد تفرض شروط معينة أو يتم التأخير في تأمينها، وهو ما سيكون وسيلة سياسية في مواجهة حزب الله. فكيف ستكون إدارة “الحزب” لهذا الملف، وهو المعني مباشرة “ببيئته” وحاضنته الشعبية؟.
على المستوى السياسي، أحد المهام الأساسية لمجلس النواب هو انتخاب رئيس للجمهورية، كونه المرجعية الوحيدة حصرا التي يحق لها التوقيع على الاتفاقيات، وهو ما يتطلب وجوده في المرحلة اللاحقة من الاتفاق. فهل يكمل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في ترشيحه أو ينسحب مقابل الاتفاق على اسم مشترك؟.
يستعد الجيش اللبناني، لزيادة أعداد جنوده جنوب الليطاني، فهي جزء من مهمته الطبيعية في حماية كامل الحدود اللبنانية، يضاف إليه، كونه أحد المعنيين في القرار الدولي 1701. فالسؤال ليس حول مهمة الجيش، إنما مدى تسليحه بالوسائل القتالية التي تعزز قوته العسكرية في مواجهة آلة القتل الإسرائيلية المتطورة؟.
لدى حزب الله طريق طويل، بعد الحرب الاقسى عليه منذ تأسيسه، إن كان على مستوى السلاح وكيفية إدارته، إلى الملفات الداخلية وإعادة تقييمه للتحالفات الداخلية والعمل في المؤسسات، خاصة أن “الامتحان” الأهم سيكون عام 2026، مع موعد الانتخابات النيابية، حينها ستكون فرصة لخصوم “الحزب” لمحاولة التخفيض من حضوره النيابي.
أما عن الجانب الاجتماعي في المرحلة المقبلة، فقد أبرزت الحرب، مع بشاعتها، أن معظم المناطق اللبنانية حضنت النازحين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، دون تسجيل أي حوادث تذكر على الرغم من الشحن الطائفي قبل الحرب وخلالها، إلا أن الأرض عكست تجاوزا لنسبة كبيرة من اللبنانيين، لاحزابهم وتصريحات الزعماء والسياسيين والناشطين، حتى في البلديات المحسوبة على تيارات معارضة لحزب الله. فهل يتمكن اللبنانيون من ترسيخ هذا المفهوم والسلوك في تقبل الآخر من الطرفين أم سيتم العمل على إعادة تحريضهم لمحاولة تتنفيذ ما عجز في تحقيقه الاحتلال؟.