وسام عبد الله
لم تعد حدود الحرب الإسرائيلية تقتصر على محاولة إنهاء المقاومة في غزة ولبنان، هي جزء من إعادة ترتيب وبلورة الشرق الأوسط الجديد كما عبر عنه بنيامين نتنياهو، وهو يعني أن شعاع المواجهة يمتد من قرى جنوب لبنان وصولا إلى العراق.
إن صح الحديث عن موعد اقتراب وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، بدخوله حيز التنفيذ أو تم نسفه من قبل نتنياهو، كما اعتاد فعله سابقا في غزة، في كلا الحالتين مهما طال الزمن، يبدو أن الدفع لبعض المسؤولين الإسرائيليين هو لوقف النار والانتقال إلى مرحلة أخرى في المواجهة. فالإسرائيلي يسعى إلى إعادة ضبط “أمن الشمال” من خلال منع تسليح حزب الله، عبر لجنة مراقبة دولية وضبط الحدود مع سوريا. مع الإشارة أن الإسرائيلي حين بدأ الحرب على لبنان قبل شهرين، كان هدفه نزع سلاح المقاومة وإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تغير بعد صمود المقاومين جنوبا وامتلاكهم القدرة على قصف العمق الإسرائيلي. فوقف إطلاق النار جزء منه محاولة نتنياهو فصل الساحات، ليتفرد بشكل كامل لحربه على غزة، ثم ينتقل إلى الضفة الغربية، تزامنا مع وصول دونالد ترامب للاستلام مهامه الرئاسية في البيت الأبيض. وهو ما سيدخل المنطقة في مواجهة جديدة، بتقويض كل الحراك القائم للسير بمشروع “حل الدولتين”، فالسيطرة على الضفة وضمها للكيان، ينهي فكرة وجود دولة فلسطينية.
لتقويض الوصول إلى حل عادل، يسعى الاحتلال لضرب كل الدول المحيطة جغرافيا، ومن أهمها حاليا العراق. فتحت ذريعة قصف المقاومة العراقية للاراضي المحتلة، يهدد الإسرائيلي بالعدوان على الأراضي العراقية، وهو ما يبدو أنه سيكون في مرحلة لاحقة أو متوازية من حربه على لبنان، باستهداف قيادات ومواقع عسكرية، لتدميرها من جهة ومحاولة قطع الطرق البريّة لامداد المقاومة من جهة أخرى. والأمر ينسحب أيضا على سوريا، واستهداف منطقة تدمر في البادية السورية، هو جزء من العدوان بهدف تفكيك طرق الامداد.
قدرة المقاومة على الصمود في جنوب لبنان، له تأثير على مشروع الشرق الاوسط. لو استطاع الإسرائيلي نزع السلاح والوصول إلى ما بعد الليطاني، سيكون الوضع السياسي مختلف من حيث التفاوض وتحقيق المكاسب.
لا يمكن الفصل بين الضغط الأميركي والإسرائيلي على إيران، والحرب الروسية الاوكرانية، فالغرب يريد فرض عقوبات أقسى على طهران لتعاونها العسكري مع موسكو. إضافة، للخطر الأكبر بالنسبة لواشنطن، بمنع تمدد وتوسع الحضور الصيني في المنطقة، عبر ضرب إيران، عسكريا أو اقتصاديا.