وسام عبد الله
مع تهديد الاحتلال الاسرائيلي بشنّ عملية عسكرية على مدينة رفح في قطاع غزة، نقلت صحف أميركية عن مسؤولين مصريين تحذيرهم من إمكانية تعليق معاهدة السلام مع اسرائيل بحال تنفيذ الهجوم. وهو ما أعاد طرح التساؤلات حول مدى الفائدة التي جنتها مصر من المعاهدة وهل تملك فعلياً القدرة والرغبة على الخروج منها؟.
شكلت اتفاقية كامب ديفيد أول تحوّل في الصراع العربي الاسرائيلي مع خروج مصر من المواجهة والذهاب نحو “السلام” بشكل منفرد لتكون أول بلد عربي يعترف رسميا بالاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، حيث وقع الاتفاقية كل من الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس حكومة الإحتلال مناحيم بيغن وبرعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر. وتعهد الطرفان ” أن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه”.
أحد الذرائع التي اتخذها السادات حجةً للتوجه نحو فك الاشتباك وإنهاء حالة الحرب مع الاحتلال، هي الأزمة الاقتصادية التي كانت تعاني منها مصر، والتي دفعت الحكومة المصرية إلى تغيير مسار التحالفات في سياستها الخارجية، تحت شعارات الوعود بالرخاء الاقتصادي، فأصبحت القاهرة في سياستها المالية أقرب إلى الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية، حيث تلقت مساعدات عسكرية أميركية بمليارات الدولارات منذ توقيع اتفاقية السلام.
مرت العلاقة بين الطرفين بالعديد من المطبات وعدم الاستقرار، نتيجة السياسة الاسرائيلية المستمرة في استغلال كل الاتفاقيات لصالحها. وشكلت الحرب الاخيرة على غزة، نموذجا واضحا للاستخفاف الاسرائيلي بالاتفاقيات على حساب مصلحة الطرف الآخر، بتهديدها باجتياح مدينة رفح وإمكانية فرض حالة النزوح على أكثر من مليون فلسطيني نحو سيناء المصرية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فخلال العقود الاربعة الماضية، لم تحقق مصر الرخاء الموعود، إنما زادت نسبة البطالة والفقر في المجتمع المصري، وأصبح الاقتصادي المصري يعتمد على المساعدات من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي والخزانة الاميركية، وربطها بالموقف السياسي من الحرب على غزة. لتبلغ نسبة الدين الخارجي 168 مليار دولار.
فرضت المعاهدة على مصر قيودا في تواجدها العسكري في سيناء، وأصبح الحضور مرتبطا بعدد محدود من القوات الامنية، مهمته مواجهة المجموعات التكفيرية التي زاد نشاطها في السنوات الاخيرة، وأيّ خلل من ناحية مصر في الاتفاقية بما يتعلق بوضع سيناء، فيحق لاسرائيل وبدعم اميركي، التدخل مجددا واحتلالها. كما خسرت القاهرة دورها الاقليمي والدولي، وعزلت لفترة لبضع سنوات عن محطيها العربي، وأصبحت رهينة للسياسة المالية الاميركية.