وسام عبد الله
وضعت الإبادة الجماعية على غزة القانون الدولي أمام أسئلة أخلاقية في مدى قدرته على تطبيق بنوده واحترامها من كافة الدول، والتي لا تقتصر فقط على القطاع الفلسطيني المحاصر، إنما في كيفية تنفيذه والحكومات معيارها في التعامل معه وفق مصالحها الخاصة فقط.
في غزة، منذ أكثر من عام، تتعرض المستشفيات وسيارات الاسعاف والأطقم الطبية، لاستهداف مباشر، بالقصف والتدمير ومنع وصول الأدوية وقتل الافراد واعتقالهم. مجازر مستمرة من قصف المعمداني والشفاء وصولا في الأيام الأخيرة في مستشفى شهداء الاقصى بشمال غزة. لم تتحرك الدول لمنع تواصل “الابادة الصحية” بحق المدنيين، تصريحات وتمنيات خجولة تعطي في هوامشها تبريرا مبطن للاحتلال بممارسة جرائمه، بذريعة تواجد عناصر لحركة حماس فيها. والأمر ينسحب أيضا في العدوان على لبنان، فقد تم استهداف أفراد الهيئة الصحية الاسلامية، بحجة أنهم ينتمون لحزب الله. التناقض في تعاطي الدول، من خلال ما شهدناه أيضا مع دخول المجموعات المسلحة إلى حلب، وفرض سيطرتها عليها، ونتيجة المواجهات قام الطيران السوري والروسي بقصف محيط مستشفى حلب، حينها، من كان يصمت عن قصف مستشفيات غزة ارتفع صوته في سوريا.
القانون الدولي الإنساني واضح في نصه، على أن المدنيين الواقعين تحت سيطرة القوات “المعادية” يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية في جميع الظروف، ودون تمييز. ويجب حمايتهم ضد كل أشكال العنف والمعاملة المهينة بما فيها التعذيب والقتل. ويحق لهم أيضا في حال محاكمتهم الخضوع لمحاكمة عادلة توفر لهم جميع الضمانات القضائية الأساسية. في غزة، اعتقالات تعسفية، وتصوير مقصود للمعتقلين دون ثياب لإهانتهم نفسيا. فأين تدخل الدول للحفاظ على كرامتهم؟.
يشير القانون الدولي أن حماية المدنيين تشمل الأفراد الذين يحاولون مساعدتهم لاسيما الطواقم الطبية والمنظمات الإنسانية أو منظمات الإغاثة التي توفر اللوازم الأساسية مثل الغذاء والملبس والإمدادات الطبية. ويجب على الأطراف المتحاربة السماح لهذه المنظمات بالوصول للضحايا. وبالأخص، تُلزم اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول بالتحديد الأطراف المتنازعة بتسهيل عمل اللجنة الدولية. ويعتبر القانون النساء والأطفال والأشخاص المسنين والمرضى فئات شديدة الضعف أثناء النزاعات المسلحة. وكذلك الأشخاص الذين يفرون من بيوتهم فيصبحون نازحين داخل بلدانهم أو لاجئين. ويحظر القانون الدولي الإنساني الترحيل القسري عن طريق ممارسة التخويف أو العنف أو التجويع. المستشفيات تحظى بحماية خاصة في اتفاقية جنيف الرابعة، إذ لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية التي تقدم الرعاية للجرحى والمرضى والعجائز والنساء.
تحايل الاحتلال الإسرائيلي على القانون الدولي، حينما كان ينشر خرائط لاستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، فهو أعطى لنفسه مبررا بعبارة “قربها لمنشآت تابعة لحزب الله”، فيما القصد هو تدمير الأبنية السكنية للمدنيين وتهجيرهم قصرا. وهو ما ينطبق أيضا على تقسيم غزة إلى مربعات، ويحدد كيفية تنقل الاشخاص بينها، ليقوم يقصفهم أثناء مرورهم وتفكيك ترابطهم مع عائلتهم وبيوتهم.
والسؤال الذي يتناقله الناس، قبل الباحثين، ما فائدة القوانين الدولية التي وضعت لحماية حقوق الانسان، إن لم تحترمه الدول التي تعتبر معنية بتطبيقه؟