وسام عبد الله
خلال الأيام الماضية، لم يتبدل المشهد الميداني في سوريا فحسب، إنما طريقة التعاطي الاعلامي وتظهير المجموعات المسلحة، المصنفة كتنظيمات إرهابية، بصورة ومصطلحات وأهداف مدنية، تعكس تدريبا وتحضيرا لوجستيا وبشريا لسنوات عديدة.
منذ عام 2011، لم تتوقف المنظمات والجمعيات الدولية عن تقديم ورشات التدريب تحت عناوين حل النزاع وحرية الصحافة وحقوق الانسان، فكان يتم جمع الناشطين ليتلقوا المفاهيم والأدوات التي تساعدهم في إيصال رسالتهم السياسية. فكل ما يبث من فيديو بطريقة التصوير والمونتاج، والإلقاء واللباس والحديث، هي برامج تدريبية، من خلفها قرار سياسي من الدول، في ضرورة إخراجه بالطريقة الحالية بما يتوافق مع المستجدات السياسية. وهذه المجموعات، تلقت تدريبا حول الدعاية والمناطرة والمشاريع الانتخابية، فتم تجهيزها للمستقبل للدخول بأي مشروع نيابي وسياسي.
وتشكل “هيئة تحرير الشام” نموذجا لهذا التسويق وكسر الصورة النمطية السابقة. فهي “جبهة النصرة” فرع تنظيم القاعدة في سوريا، ضمت جنسيات متعددة عربية وأجنبية، في نيسان 2013، ادعى أبو بكر البغدادي أن “النصرة تؤتمر بأمره وأصبحت تابعة له” في كيان حمل اسم “الدولة الإسلامية بالعراق والشام”، “داعش”، بينما رفض أبو محمد الجولاني هذا الإعلان وجدد صلته وولائه لتنظيم “القاعدة”.
عام 2017 حول الجولاني الاسم إلى “جبهة تحرير الشام” لتضم تحالفاً أوسع من المجموعات المسلحة في إدلب، وحاول إظهار تخليه عن خط “القاعدة” وكأنه “فصيل سوري”، ثم استخدم صفة “هيئة تحرير الشام”، وظل الكيان بالنسبة للدول، بوصفه تنظيما إرهابيا.
قبل أيام، استخدم الجولاني اسمه الحقيقي، أحمد الشرع، وبلباس مدني، دون عمامة. والذي مارس القتل والذبح وفرض الاحكام الدينية، بدّل خطابه، نحو الدعوة لحكم المؤسسات والدولة المدنية. والأمر ينسحب على أتباعه، في طريقة التعامل والظهور مع الناس، وهو ما يثير الريبة، بأن يكون السلوك الحالي، مرتبط بتوجيهات سياسية من دول معينة، لتمرير المرحلة الانتقالية، وإن لم تنجح المساعي في التهدئة، تعود هذه التنظيمات إلى سلوكها السابق.
تريد الدول الداعمة للتنظيمات المتشددة، أن تقدمها كجهة مدنية مقبولة من الناس، وهذا ما يفسر محاولة تأمينها بعض الحاجيات في المناطق التي استولت عليها. لتكون هذه الجماعة، هي ممثل “المعارضة السورية”، والتي يمكن الحوار معها، أي مع مشغليها الأساسيين.