وسام عبد الله
أعادة دماء الشهداء السوريين في مجدل شمس قبل أيام، تسليط الضوء مجددا على قضية الجولان السوري المحتل، وكيفية استغلال الاحتلال الاسرائيلي لسكانه لتنفيذ مشاريعهم الاستيطانية، ومحاولة “أسرلتهم” وسلخهم عن هويتهم الوطنية.
تقع مجدل شمس في مرتفعات الجولان بجنوب غربي سوريا، احتلتها إسرائيل خلال حرب حزيران عام 1967، ومنذ ذلك الحين بقيت تحت سيطرتها، على الرغم من أن المجتمع الدولي يعترف بأنها جزء من سوريا، إلى جانب بقية مرتفعات الجولان حتى بحيرة طبريا.
وكانت مجدل شمس تُدار تحت حكم المحافظة العسكرية الإسرائيلية، ثم صادق الكنيست الإسرائيلي عام 1981، على قانون مرتفعات الجولان، الذي ينص على دمجها في نظام المجالس المحلية الإسرائيلي.
ولم يعترف المجتمع الدولي بهذه الخطوة، كونها تعتبر أرض سورية محتلة، ولم تحظ هذه الخطوة باعتراف رسمي إلا من قبل الولايات المتحدة الأميركية بفترة الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019.
ورفض سكان البلدة طوال العقود الماضية، التخلي عن هويتهم السورية، وقبول الضم إلى الكيان الإسرائيلي، وشهدت المنطقة عدة مواجهات بين الأهالي وقوات الاحتلال.
ويقدر عدد سكان مجدل شمس نحو 12 ألف نسمة، من أصل حوالي 25 ألف نسمة من سكان الجولان، وتعد من أكبر القرى المحتلة من “إسرائيل”، إضافة إلى عين قينيا، مسعدة، وبقعاثا. وتعتبرهم الدولة السورية جزء من مواطنيها، بينما منحتهم “إسرائيل” الإقامة الدائمة في عام 1981، وأصبح يحق لهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية الكاملة، لكن يتقدم إلا 20 بالمئة من السكان للحصول عليها. وكون الاحتلال لا يعترف بهويتهم السورية، يتم منحهم جواز مرور، وتعريفهم في السجلات على أنهم “سكان مرتفعات الجولان”.
وتصف صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” بأن سكان الجولان حافظوا على علاقات وثيقة مع سوريا، وبأنهم “غير مكترثين بإسرائيل.. ففي عام 2018، لم يصوّت سوى 272 شخصاً في مجدل شمس، التي يبلغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة، في الانتخابات المحلية”.
ويوم السبت، أسفر سقوط صاروخ عن استشهاد 12 طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاما، وإصابة نحو 30 آخرين من سكان القرية، ليوجه الاحتلال الاتهام إلى حزب الله، بكونه تقصد استهداف المدنيين، بهدف خلق ذريعة لتوسيع حربه ضد المقاومة.
وكان حزب الله أصدر بيانا نفى فيه علاقته بالحادث، فهو خلال عشرة أشهر من المواجهة مع الاحتلال، كانت كل أهدافه عسكرية وأمنية، لمنع إعطاء أي حجة لجيش الاحتلال بتوسيع مدى الحرب، على الرغم من قدرة الحزب على استهداف المستوطنين، بامتلاكه القدرة على رصدهم وتحديد أماكن تواجدهم.
لهضبة الجولان أهمية استراتيجية، بموقعها الجغرافي الذي تتقاطع فيه دول سوريا ولبنان وفلسطين، وأرضه غنية بالموارد الطبيعية وخاصة المياه، التي تتكون في مرتفعات جبل الشيخ وتغذي نهر الاردن وبحيرة طبريا، لتشكل خزان المياه العذبة للسكان وريّ المحاصيل الزراعية.
يسعى الاحتلال من خلال قتل المواطنين السوريين في مجدل شمس قبل يومين، إلى إثارة الفتنة داخل لبنان وسوريا وفلسطين، كون الشهداء ينتمون إلى الطائفة الدرزية، بمحاولة لتقليبهم على حزب الله. إضافة إلى رغبة حكومة الاحتلال بشد العصب الدرزي داخل “إسرائيل”، لمنع حدوث أي تمرد داخل الجيش.