وسام عبد الله
مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الاول من العام الماضي، شكّل الاعلام دورا مهما في نقل صورة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية، وظل الأمر مستمرا لحوالي ستة أشهر من الزخم المتواصل، إلا أنه بدأ بالتراجع في الفترة اللاحقة، حتى وصلنا اليوم على أبواب بداية العام الثاني من الحرب، ليصبح خبر غزة، في المرتبة الثانية في النشرات.
وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا هاما في كسر حاجز الحصار والقيود الاعلامية المفروضة من قبل الاعلام الغربي للترويج فقط للسردية الإسرائيلية، فنشر المؤثرون والمدونون على صفحاتهم صورا ومقاطع فيديو، من غزة أو دول أخرى، تضيء على الوحشية في قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية. وهو ما ساهم في التواصل مع الاجيال الشابة، التي لم تكن على معرفة بالقضية الفلسطينية بصورتها الحقيقية. فأصبح الحدث مثل العدوى، مما دفع بمئات الصفحات العربية والاجنبية، لتكوين خطوط متنوعة لكنها تسير في خط واحد نحو تثبيت الحق الفلسطيني في مواجهة زيف الدعاية الغربية.
هذا المسار في غزة لم ينطبق حتى الآن في العدوان الاسرائيلي على لبنان، فلم نجد الاهتمام الاعلامي بالبعد الانساني في حالات النزوح والمقاومة، وإنما التركيز فقط على الميدان العسكري، دون توجيه الكاميرا والكلمة نحو النازحين وضحايا الحرب، فكان الاتكال أكثر على الاعلام المحلي، فيما غاب الزخم الاعلامي الدولي أو ظهر بطريقة خجولة ومتواضعة.
في السياق نفسه لم نجد حملات تضامن عالمية مع لبنان، كما حدث مع غزة، وسجل غياب شبه تام للمؤثرين والفنانين عن مواقع التواصل الاجتماعي، في مقارنة مع الاشهر السابقة، وهو ما يعيد طرح تساؤل حول بداية الحرب على غزة، والتحذير ألا تتحول القضية لمجرد “ترند”، حالة مؤقتة مرتبطة بالموجة العام، وحين تخفت تبدأ بالتراجع.
قد يكون كل ما سبق صحيحا، لكن الأخطر أن يكون الاعتياد على مشهد القتل والدمار قد ترسخ في الوعي الجماعي لدى الشعوب. فمشهد قصف الضاحية، شاهده الناس طوال شهور في غزة، فكأنه تحول لسلسة “طبيعية” في سياق الحرب. أصبح عدد الشهداء الذي تخطى الاربعين ألفا في غزة، ينظر إلى كل عدد أقل منه في لبنان بأنه أمر “وارد”. فحين يستشهد 50 شخص تكون فاجعة، لكن في اليوم التالي حين يسجل 20 شهيداً، يكون التعاطي معها بهدوء أكثر.
من الواضح أن التوجيه الاعلام المطلوب على أمور محددة تخدم الاحتلال، كما هو حال المنظمات الدولية، التي تصف بأنها شبه غائبة أو مغيبة عن المشهد اللبناني.