وسام عبد الله
تعلم السوريون في مدارسهم، عن الدولة والعروبة والقضية الفلسطينية وغيرها، في مادة التربية القومية، والتي كانت لدى معظم الطلاب، غير مرغوب بها ولا مقنعة، لا من حيث المضمون ولا الاسلوب، ولأن التربية الاخلاقية والسياسية كانت مغيّبة عنهم، فمن الطبيعي أن يجدوا أنفسهم الآن أمام تحديات وفرص عديدة، وقد يصاب الكثيرون بالإحباط في حال اعتقدوا أن نتائج العمل السياسي تأتي في أشهر وسنين قليلة، بينما هو مسار طويل ولأجيال متتالية.
في كتاب “عقيدة الصدمة” تعرض الكاتبة الكندية نعومي كلاين، الطريقة التي تستغلها الدول للاستفادة من الكوارث الطبيعة والبشرية والاحداث والحروب، حتى تبني فيها مرحلة جديدة. فخلال الكارثة يمكن استغلال الوقت الضائع والفراغ، لتمرير المخططات وتكوين السلطة والاقتصاد.
والمجتمع السوري يمر بلحظة انتقالية، فيها نوع من “الصدمة”، بقوة الحدث وتداعياته، فحين نصل لقدرات عسكرية معدومة واقتصاد منهار، كأننا أمام مسح للذاكرة وإعادة تربيتها من جديد. في هذا التحول الكبير، بين المواطن العادي والقوى الدولية، أسئلة مختلفة من الحياة اليومية وصول إلى المصالح الاقليمية.
هل المجتمع السوري جاهز للتجربة الديمقراطية؟. إن كانت النظرة إلى الديمقراطية بأنها عملية انتخابية فقط، فمن الطبيعي أن يكون أيّ مجتمع جاهزاً لها، بحال الاعتقاد أنها موضوع تقني لاختيار عدد من المرشحين بدل فرضهم عليهم. أما بحال رؤية الديمقراطية، بأنها قيم مجتمعية ونهضة سياسية وفكرية ومساحات حوار وتقبل للآخر، فالمجتمع يملك الامكانيات الفردية، لكن المسار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لم ينطلق بعد. في العديد من المجتمعات الاجنبية، هناك إعادة تقييم لفكرة الديمقراطية، وهل فعلا المواطن يختار بناء على أساس البرنامج الانتخابي أم يميل إلى العاطفة أكثر؟، فمثلا، هناك من اختار الرئيس دونالد ترامب، ليس اقنتاعا ببرنامجه الانتخابي، إنما كرد فعل على سياسة جو بايدن، فهل الديمقراطية تقوم على الاختيار عن قناعة أم رد الفعل؟.
وتحضيرا لطرح الافكار الانتخابية، هل سيكون للمال دور فيها لاستقطاب الناخبين؟، وما حدود التدخلات الخارجية، العربية والاجنبية، بتأثيرها على المرشحين، عبر المال والاعلام؟، فالتجربة اللبنانية، واضحة في دعم الدول لاحزاب وكتل سياسية، ليكون لها صوت داخل مجلس النواب. العمل التشريعي هو الذي يحدد شكل الدولة ونظامها، ويرسم رؤيتها للمستقبل، بالسعي لتكون سوريا دولة مدنية، لكل مواطن حقوق وواجبات اتجاه المجتمع والمؤسسات، وهو ما يتطلب امتلاكه الوعي بالمفاهيم الأساسية لبناء الدولة. مفترق الطرق يكون في هذه النقطة.
أصبح لدى الجميع فكرة واضحة بأن التدخل الخارجي كان له تأثير بالتحول الكبير الذي حدث خلال الاسبوع الماضي، عبر الدور التركي والروسي، ثم الاجتماعات العربية التي تحاول فرض نفسها على المستقبل السوري. تضارب المصالح أو تلاقيها، سينعكس حكما على سوريا، وعامل الاحتلال الإسرائيلي أهمها وأخطرها، مع رغبته بتقويض أي فرصة لبناء دولة قوية، وجيش قوي، فمن يعتقد أن “إسرائيل” ستتوقف عند تدمير القدرات العسكرية، فيما خطواتها المقبلة تفتيت المجتمع بأكمله. لا قومية إلا “القومية الصهيونية”.
فأين يقف المواطن السوري، بين رغبته ببناء الدولة والامكانات المتوفرة بين يديه، والمصالح الاقليمية والدولية، التي تملك زمام المبادرة والقوة العسكرية والاقتصادية؟.
الواقعية السياسية، تفرض النظر إلى ما يمكن تحقيقه والاستفادة منه، شرط أن يكون المُطالب ببناء دولة مدنية، يعمل على الارض ولا يكتفي ببيانات وشعارات، فالميدان هو الذي يحدد صاحب القرار أو المشارك فيه. والاقصاء والطمع بالمناصب، أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، فقد لا يكون لديهم القرار بالضغط على الحكومات، وقد نصل لمرحلة تفرض علينا صيغة سياسية معينة تتقاطع مع الظروف الخارجية، كله متوقع، لكن التحكم بالمسار المجتمعي يمكن المشاركة والحضور في قرار