وسام عبد الله
لعبت نقابات العمال الإسرائيلية دورا تاريخيا ما قبل النكبة عام 1948، حيث كان لها دور فاعل في استقبال الهجرات الاستيطانية منذ عام 1920، حينها كان المسؤول عنها ديفيد بن غوريون، الذي أصبح أول رئيس وزراء لإسرائيل. فأسهم “الهستدروت” بالدورة الاقتصادية والاجتماعية التي مهدت لاعلان تأسيس الكيان.
ويعتبر الهستدروت من أكبر المنظمات، وهو يمثل نحو 800 ألف عامل من نحو 27 نقابة منفصلة، من معظم القطاعات الزراعية والصناعية، ليشكل أكثر من 20 بالمئة من الدخل القومي الإسرائيلي.
كما يضم وكالات تسويق وتوزيع للسلع الاستهلاكية، والأجهزة والمعدات، ومؤسسات بناء ضخمة تتولى إقامة المستوطنات والمنشآت العامة، وجمعيات ائتمان وبنوك، ونقابات عمالية وجمعيات تعاونية. وله دور في التعامل مع الأجور والعمل في القطاع الخاص، والتأمين الاجتماعي والصحي، إضافة للأنشطة التعليمية والثقافية والفنية.
ويشارك الهستدروت في الاضرابات والمظاهرات، فقاد العام الماضي إضرابا لتعليق خطة كانت تستهدف إحداث تغييرات في النظام القضائي. وخلال الايام الماضية، دعا إلى الاضراب الشامل، للضغط على حكومة نتنياهو لابرام صفقة الأسرى. التي أظهرت التناقض والانقسامات داخل “إسرائيل”.
فالشارع انقسم، بين من يطالب بوقف إطلاق النار والموافقة على الصفقة للافراج عن الاسرى لدى المقاومة، وهو ما تعبر عنه هيئة عائلات الأسرى والهستدروت، في حين هناك فئة، وخاصة من عائلات الجنود القتلى، ترفض الخيار، وتدعو إلى استمرار الحرب، ويمثلها منتدى “تكفا” الذي وصف الدعوة للاضراب بأنها “حكم بالإعدام على بقية الرهائن”.
ويسعى بنيامين نتنياهو للاستفادة من هذه التناقضات، من خلال الضغط عاطفيا على عائلات الجنود، بأن دماء أبنائهم “لن تذهب هدرا” ويجب القضاء على المقاومة انتصارا لهم، ولكن عائلات الاسرى تدرك أن هذا الشعار هدفه حماية نتنياهو لنفسه ولمصالحه الشخصية. وقد كشف استطلاع للرأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن سبعة من بين كل عشرة أشخاص يرغبون في أن يترك نتنياهو عالم السياسة.
هذا النموذج المتعلق بالاسرى، يمثل تعبيرا عن الانقسامات، التي تعززت بعد السابع من تشرين الاول 2023. فسكان الشمال، ونتيجة عمليات حزب الله، وتهجيرهم منها، دون أفق واضح لعودتهم، ولد لديهم شعور بأنهم تركوا دون حماية على حساب بقية المناطق، وأن نتنياهو وحكومته لا يشكلون أولوية بالنسبة لهم. كما أظهرت الحرب، الانقسام نتيجة تشدد اليمين المتطرف بخياراته، وخاصة لدى “الحريديم” ورفضهم الخدمة العسكرية، في حين هناك عائلات تعلن رفضها لعدم خدمتهم فهم كغيرهم من “المواطنين”. وهنا تبرز المواجهة، بين الجماعات المتطرفة من المستوطنين، التي تمارس ابشع انواع التنكيل بالفلسطينيين، وفي الوقت نفسه، ترفض وجود التيارات “العلمانية الاسرائيلية” وتعمل على استقطاب الشباب منها، للسيطرة على المؤسسات الرسمية.